ذلك يصل إلى جسم عدوه. وجملة القول أن التمثال في اعتقاده كان وسيلة تمكنه من السيطرة على الأصل. وهناك طائفة من التماثيل الصغيرة كان يستخدمها العبرانيون في مساكنهم الخاصة ويسمونها التراقيم Teraphim وهي بمثابة حمائل وطلاسم لحماية السكان من الشر والأذى.
فالتمثال في ذهن السامي القديم كان رمز السيادة والإخضاع؛ إذ هو الوسيلة إلى الحماية والبقاء، أو هو السيد القوي الذي يرجى خيره ويخشى من شره.
وهنا نعود إلى المعنى السابق فنفترض أن السامي القديم حين سمى الصورة "مسل mesl" أو تمثالا، اشتق اللفظ من معنى الغلبة والسيطرة.
ثم نجد في المادة اللغوية معاني يبدو أنها متفرعة من معنى "الشيء المصور", من ذلك معنى القيام والانتصاب. قال العرب: "مثل الشيء" إذا انتصب, ومنه الحديث: "من سره أن يمثل له الناس قياما, فليتبوأ مقعده من النار"، ومنه حديث عائشة تتحدث عن أبيها: "فحنت له قسيها وامتثلوه غرضا" أي: نصبوه هدفا لسهام ملامهم وأقوالهم.
ومن الشيء المصور لمح الناطقون معنى المشابهة والمشاكلة, فورد اللفظ في الساميات "المثل metal, Metal, masal" بمعنى الشبيه والنظير. واشتقوا الفعل masal في العبرية, masalu في الآشورية, masala في الحبشية القديمة والأمهرية، metal في الآرمية, meetsl في السريانية، وكلها أفعال تدل على المشابهة والمشاكلة.
واشتق العرب من المادة لفظا يؤدي معنى القصاص "العقاب بالمثل" وتفردوا بإطلاق لفظ يدل على معنى القصاص من مادة "م ث ل" فقالوا: "المثال" وقالوا: أمثل الحاكم فلانا من فلان: إذا أقصه منه، وامتثل منه: اقتص، وقد يكون منشأ هذه التسمية أنهم لمحوا في القصاص معنى المشابهة والمشاكلة وذلك بأن يجعل شخص نظير شخص آخر في القتل. ومن المثال أو العقاب بالمثل ربما أخذوا معنى التنكيل فقالوا: مثل يمثل مثلا ومثلة بالرجل أي: نكل به وانتقم منه، وأصبحت المثلة دالة بذاتها على الآفة والعقوبة التي تقترن بالتشهير. وورد هذا المعنى في التوراة بضع مرات بلفظي: masa, meso