الذي اتفق عليه الباحثون، على أن أدب الحكمة Wisdom Literature أعم من أدب الأمثال؛ فكل مثل حكمة, وليس كل حكمة مثلا.
المثل وخصائصه:
عندما قام الفرنجة بترجمة أسفار التوراة والإنجيل إلى اليونانية ثم إلى سائر اللغات الأوروبية, أدركوا أن كلمة masal في العبرية والآرامية ذات مدلول واسع، فاتخذوا للتعبير عنها عدة ألفاظ، ومنها الكلمتان اليونانيتان اللتان تقابلان في الإنجليزية كلمتي "Parable" "Proverb". وكان الاصطلاح الأول منهما هو اللفظ الشائع للمثل عندهم. فإذا عرفوه قالوا: "وهو العبارة التي تتصف بالشيوع والإيجاز وحدة المعنى وصحته" فالإيجاز ركن من أركان المثل عندهم, وبذلك حدده أرسطو١. وهنا يلتقي العرب واليونان القدامى، فأبو عبيد القاسم بن سلام "٢٢٤هـ" يرى اجتماع ثلاث خلال في المثل: إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه، وإبراهيم بن سيار النظام "٢٢١هـ=٨٤٦م" يقول: "يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية, فهو نهاية البلاغة". ثم يأتي الفارابي الفيلسوف فيفرق بين النادرة والمثل بقوله: "النادرة: حكمة صحيحة تؤدي ما يؤدي عنه المثل, إلا أنها لم تشع في الجمهور، ولم تجر إلا بين الخواص, وليس بينها وبين المثل إلا الشيوع وحده". وهذا يطابق ما ذكره العالم بنتسن Bentzen في تقسيم أدب الحكمة إلى قسمين: الجملة الجامعة sentence والمثل Proverb.
وقد عرف المثل بعض نقاد الأدب العربي, ومنهم المبرد بأنه:"قول سائر يشبه مضربه بمورده، أو يشبه فيه حال المقول فيه ثانيا بحال المقول فيه أولا".
ويعرفه آخرون ومنهم المرزوقي بأنه:"جملة من القول مقتضبة من أصلها أو مرسلة بذاتها، فتتسم بالقبول وتشتهر بالتداول، فتنقل عما وردت فيه إلى كل ما يصح قصده منها من غير تغيير يلحقها في لفظها ... ". وهذا التعريف الأخير يجمع الحكمة والمثل. فالمقتضبة من أصلها هي المثل الذي له أصل وقصة أو حادثة معينة، والمرسلة بذاتها هي الحكمة التي ينطبق بها الحكيم بعد