للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طول التجربة والخبرة، وعليه يسير ابن رشيق، والميداني، وأبو هلال العسكري, وسواهم. وقد جمع أبو هلال والميداني في كتابيهما كثيرا من ذلك، وجعلاها كلها من الأمثال، سواء كانت من النوع الأول أو النوع الثاني.

بيد أن هذا التحديد لا ينطبق إلا على بعض فنون المثل، فقد أطلق العرب القدامى مع إخوانهم الساميين كلمة المثل على عبارات لا يشترط فيها الإيجاز -على الأقل- كالأمثال القياسية, والأمثال الخرافية.

أشكال مدلول المثل:

وقد أطلق الساميون لفظ "مثل" على فنون من التعبير بعضها موجز وبعضها مطول. أطلقوه على الكلمة الموجزة التي اكتسبت صفة الشيوع والشهرة في الناس، والكلمة الجامعة المركزة الدالة على مهارة الصنعة والقدرة على الإلغاز والتعمية، وأطلقوه على القطعة الأدبية التي قد تبلغ الفقرة والفقرتين من الكلام, والتي تقص نبوءة من النبوءات، أو تنزع منزع الأنشودة الشعرية، أو ترد قياسا ومقارنة لتفسير فكرة، أو توضيح عبارة، أو تحكي قصة خرافية ذات مغزى.

وفيما يلي أشكال مدلول المثل:

١- أمثال الأحلام والنبوءات:

نظر الناطق القديم إلى أحلام النائم، وتهيؤات الكاهن، وتنبؤات النبي, فعدها أمثالا، فأطلقت التوراة هذا اللفظ على نبوءات بلعام وميخا وحبقوق، ويزعم بعض الباحثين أن القدامى عدوا هذا الشكل مثلا؛ لأنه كلام فيه تشبيه، وكان الكاهن والعراف في أشد الحاجة إلى الصورة المجازية يجد فيها مجالا للمواربة والإيماء والرمز والإلغاز. ونجد عددا من الأمثال الملغزة منسوبة إلى أقوال كهان العرب، أمثال: عزى سلمة الكاهن، والشعثاء الكاهنة وهي تصف سبعة إخوة، وطريفة الكاهنة وهي تخاطب قوم عمرو بن عامر، وكاهنة ذي الخلصة وهي تتكهن بما في بطن رقية بنت جشم، والكاهنة السعدية تخاطب العجفاء وصواحباتها.

<<  <   >  >>