للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالحكماء ورجال الدين، وتصدر عن روية وتفكير وإتقان، وهي بهذا كله تختلف عن الأمثال الشعبية. وهذا النوع من الأمثال يقترن في تاريخه الطويل بالكتابة والحكمة والتعليم الديني.

المثل القولي والمثل الكتابي, والفرق بينهما:

قسم بعض الباحثين الأمثال العربية إلى قسمين:

"الأول" المثل الشعبي أو القولي في مختلف صوره وأشكاله.

"والثاني" المثل الكتابي الذي تظهر فيه صنعة التركيب، ورؤية الكاتب, وتأمل المفكر١.

ومن الملاحظ أن المثل الشعبي الذي يمثل الاتجاه العربي الخالص كان يرسم خطا واضحا في الاستعمال العام في تاريخ الأدب العربي, إلى أن ضعف النفوذ العربي في أواخر القرن الأول الهجري.

أما المثل الكتابي فهو يمثل خطا آخر واضحا تبدأ بواكيره في الجاهلية, ثم يزدهر بظهور الإسلام ونزول القرآن الكريم، وعناية المسلمين بالحكمة والتعليم الديني والدنيوي، ويشق هذا الاتجاه طريقه في خلال العصور٢.

فالمثل العربي القديم لم يخل من آثار كتابية، ولكنها كانت منحصرة في جانبين: أحدهما ما قام به الكتابيون من الآراميين والفرس من تشجيع لحركة جمع الأمثال وتدوينها، والثاني ما أودعه العرب في أمثالهم من حوادث وأفكار كتابية استمدوها من نصوص مدونة، أو من الأوساط الكتابية التي كانت تشغل مناطق من شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام.

وبالرغم من هذا التأثير الكتابي, ظل المثل العربي القديم محتفظا بطابعه، متميزا بصبغته، واستطاع سلطان اللغة أن يخضع هذه الأفكار أو تلك الموضوعات الكتابية فيصوغها في قالب عربي قديم.

فالتأثير الكتابي في المثل الشعبي القديم -حيثما وجد- تأثير جزئي لا يمس


١ الأمثال في النثر العربي القديم صـ٢٣, ٢٤.
٢ الأمثال في النثر العربي القديم صـ٢٣, ٢٤.

<<  <   >  >>