كمثل الخرافة، إلى الإشارة المثلية الموجزة، وجدنا أن أسلوبها المسهب أميل إلى التسوية والتلاصق، تكثر فيه الفواصل، والقفزات السريعة, والحروف العاطفة الخفيفة، كالواو والفاء ونحوهما, ولا يلجأ المثل إلى التركيب إلا في القليل، ولا يلجأ إلى أدوات الشرط والوصل وما شاكلها من الروابط "الثقال" إلا عند الضرورة القصوى. ففي خرافة الحية والفأس نجد مثل هذه العبارة:"فعمد إلى الفأس, فأحدها، ثم قعد لها، فمرت به فتبعها، فضربها فأخطأها، ودخلت الجحر، ووقع الفأس بالجبل فوق جحرها فأثر فيه" ومعظم عبارات هذه الخرافة متلاصقة متكافئة سريعة القفزات. وفي الأمثال المركبة المؤلفة من جملتين أو أكثر نجد التسوية العطفية تسود كقولهم:"رب عجلة تهب ريثا، ورب فروقة يدعى ليثا، ورب غيث لم يكن عيثا" وقد لا يصطنع العطف، وربما استعملوا الجمل الحالية كقولهم:"أضرطا وأنت الأعلى" أو الجمل الشرطية كقولهم: "من عز بز١".
فتركيب الأمثال العربية إذًا لا يخرجها عن سمة الإيجاز والتركيز، وإذا أنعمنا النظر في هذه الأمثال ألفينا ظاهرة لا مثيل لها في الأمثال السامية الأخرى؛ هذا الإيجاز البالغ الذي يصل أحيانا إلى أن يكون المثل لفظا واحدا أو صفة وموصوفا أو مضافا ومضافا إليه أو جارا ومجرورا. فمن أمثالهم:"أيها" ومعناه نعم, وأصلها:"أي ها الله" ثم كثر في كلامهم حتى وصلوا. ومن ذلك قولهم "اللهم" كان أصله -والله أعلم- يا الله أمنا بخير، ثم كثر حتى وصلوا الله بحرف من أمنا.
ومن المضاف عدد من الأمثال أوردها الثعالبي في كتابه "ثمار القلوب في المضاف والمنسوب" كقولهم: غراب نوح، وذئب يوسف، وعصا موسى، وخاتم سليمان، وبرد محارب، وعطر منشم، ومواعيد عرقوب، وجزاء سنمار ... إلخ.
وذكروا ما سموه "المكنى والمبني والمثنى" وهي أمثال أحصاها حمزة الأصفهاني فبلغت ثلاثمائة وسبعين، والمكنى والمبني من هذه الأمثال هما عبارة