للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلهجة غريبة أو هو غربي المورد، فإن حذف الهمزة في نحو "حدا" هو ظاهرة مميزة للهجات الحجازية على أنه قد يصعب الاهتداء إلى مصدر المثل في كثير من الأحيان، كما في شرح: "أنا النذير العريان"، فقد أورد ابن الكلبي قصة وقعت حوادثها في الحيرة في أيام المنذر بن ماء السماء. أما ابن سلمة فيشرح المثل بما يدل على أن مصدره حجازي، إذ ينسبه إلى رجل من خثعم, حمل عليه يوم ذي الخلصة.

ومن الأمثال التي يبدو الأثر الأجنبي في صيغتها قولهم: "إلا دِهِ فلا ده" وهو كلمة قالها الكاهن عزى سلمة حين أتاه جماعة من ثقيف، ومعهم عبد المطلب بن هاشم فخبئوا له، وقالوا: "لاده" أي: بيّن هذا الشيء، فأجابهم الكاهن بكلام مبهم، فقالوا له: "لاده" قال لهم: "إن لاده فلاده" هو رأس جرادة في خرز مزادة ... إلخ. قال الخليل بن أحمد: "لاده" فارسية الأرض, ورده أبو عبيدة إلى أصل عربي قال: "أريد كذا وكذا، فإن قيل له: ليس يمكن ذا، قال: فكذا وكذا". وقال الأصمعي: إن معناه: إن لم يكن هذا الآن، فلا يكون بعد الآن. وقال المنذري: "قالوا: معناه: إلا هذه، فلا هذه، يعني أن الأصل إلا ذه فلا ذه، بالذال المعجمة".

وبالرغم من أن حوادث القصة حجازية، فإن المثل فيما نظن عبارة مأثورة من تلك المصطلحات العتيقة التي تتسرب عادة إلى أهل الحرفة من عصور بعيدة الآماد.

ويرجح بعض الباحثين أن العبارة متأثرة بلهجة آرامية أو فارسية، وأنها جاءت من جهة العراق.

ولا ننسى طائفة أخرى من الأمثال هي خرافات شعبية، نشأت وترعرعت في أوساط كتابية غالبا في الفترة التي ظهر فيها الإسلام أو بعده بقليل.

وهنالك نوع من قصص الخلق نجدها منتشرة في الأوساط الكتابية، يذيعها المعلمون والوعاظ لبيان حكمة الخالق في خلقه، وهنالك عدد من قصص الخلق ذاعت في الكتب المقدسة القديمة، وقد نجح صانعو هذا القصص في صياغتها بعبارات شعبية.

<<  <   >  >>