للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: زعمت الأعراب أن النعامة ذهبت تطلب قرنين، فرجعت بلا أذنين؛ فلذلك يسمون ذكر النعام الظليم، ومن أمثالهم: "كطالب القرن جدعت أذنه" ويروى أن بشارًا تمثل فقال: "ذهب الحمار يطلب قرنين فعاد بلا أذنين".

وورد المثل في شعر بعض الهذليين المخضرمين، وهو أبو العيال الهذلي، والهذليون مساكنهم في الحجاز، وهو يشير إلى النعامة لا إلى الحمار.

وهناك مثل آرامي يهودي يقول: "ذهب الجمل يطلب قرنين فرجع بلا أذنين" وبذلك يتبادل الدور ثلاثة من الحيوان، ويبدو أن الجمل أقدمها ورودا في المثل، فقد ورد في نص آرامي، كما أن الحمار يمثل خلطا من الناطقين المتأخرين بين المثل الأصلي، ومثل آخر يذكر أذني الحمار.

ثم إن هناك ما يسمى بـ "الخرافات الحوارية" التي تعتبر من وسائل تعليم الشعب وتسليته. وأكثر هذه القصص الحوارية يتسم بسمة "الحيلة", ومن ذلك الخرافة الحوارية التي رُويت عن علي بن طالب, رضي الله عنه:

يقول الميداني: يروى أن أمير المؤمنين عليا -رضي الله تعالى عنه- قال: إنما مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار ثلاثة كن في أجمة: أبيض وأسود وأحمر، ومعهن فيها أسد، فكان لا يقدر منهن على شيء؛ لاجتماعهن عليه. فقال للثور الأسود والثور الأحمر: لا يدل علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض، فإن لونه مشهور، ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكله صفت لنا الأجمة, فقالا: دونك فكله, فأكله. ثم قال للأحمر: لوني على لونك، فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة, فقال: دونك فكله, فأكله. ثم قال للأحمر: إني آكلك لا محالة, فقال: دعني أنادي ثلاثا, فقال: افعل, فنادى: ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض. ثم قال علي رضي الله تعالى عنه: ألا إني هنت -ويروى: وهنت- يوم قتل عثمان، يرفع بها صوته، وهو مثل يضربه الرجل يرزأ بأخيه. وقد ورد هذا المثل في كتاب كليلة ودمنة، ولاحظ هذا أبو هلال. كما أنه ورد مختصرا في خرافات إيسوب.

ويعلق الدكتور عبد المجيد عابدين على ذلك بقوله: فإذا صحت رواية هذا المثل عن

<<  <   >  >>