للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك -فيما يظن بعض الباحثين- صيغة فعال, الاسم المؤنث المبني على الكسر، وقد جمع الباحث ك. فولرز Vollers طائفة من أسماء الأماكن الواردة على وزن فعال المنتهية بالكسر، ورأى أن معظمها يرجع إلى اليمن وما جاورها وصلة اليمن بالحبشة معروفة, وإذا رجعنا إلى الحبشة القديمة وجدنا أن فعال faal هي صيغة المؤنث لوزن فعيل، فيقال: حديس "جديد" ومؤنثه حداس "جديدة", ويقال: طبيب "حكيم" ومؤنثه طباب. وفي أمثالهم: "من دخل ظفار حمر, أو تحمر" وظفار بلد باليمن, وحمر: تكلم بالحميرية. وقالوا: "روغي جعار وانظري أين المفر" جعار الضبع، وهو مثل يضرب للذي يهرب ولا يقدر أن يغلب صاحبه. وقالوا: "تيسي جعار" يضرب للاستكذاب ولم يعرف أصل هذه الكلمة, والتيس جبل باليمن. ويقال: فلان يتكلم بالتيسية أي: بكلام أهل ذلك الجبل١.

الأمثال الغريبة:

وفي الحجاز يصادف الباحث عددا من الأمثال يتسم بسمة الإغراب، ويستغلق معناه في الفهم. ومن ذلك قول الحجاج بن يوسف الثقفي: "ده درين سعد العشيرة" ويروى: "دهدرين وطرطبين" قاله الحجاج لقوم من الفرس فلم يفهموه، ففُسِّر لهم، وهو مثل يقال لمن يأتي الباطل استهزاء به, ولم يعرف الأصمعي أصله. وقال أبو هلال: إنه كلمة لا معنى لها. وقال ابن الأعرابي: "وتركوا تنوين سعد استخفافا, ونصبو دهدرين على إضمار فعل"٢ ولعل هذا المثل من بقايا لهجة حجازية بائدة, كانت تمثل مرحلة سابقة على الطور الأدبي.

وروي أن عمر بن الخطاب جاءه رجل يحمل لقيطا، فقال عمر: "عسى الغوير أبؤسا" والغوير: تصغير غار, والأبؤس: الشدائد جمع بؤس، أي: لعلك


١ راجع ٤٩، ١٥٦.
Ancient West Arabiau, By C. Radin.
والمزهر: ١/ ٤٩، والأمثال لعابدين ٦٥, ٦٦.
٢ أبو هلال العسكري ١/ ٢٩٥.

<<  <   >  >>