للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قومه بجانب فدك, نزلت العير فأخرج البراض قدحا يستقسم بها في قتل عروة، فمر عروة به، وقال: ما الذي تصنع يا براض؟ قال: أستخبر القداح في قتلي إياك، فقال: "استك أضيق من ذاك"، فوثب البراض بسيفه إليه فضربه ضربة خمد منها، واستاق العير، فبسببه هاجت حرب الفجار بين حيي خندف وقيس، فهذه فتكة البراض التي بها المثل قد سار، وقال فيها بعض شعراء الإسلام:

والفتى من تعرقته الليالي ... والفيافي كالحية النضناض

كل يوم له بصرف الليالي ... فتكة مثل فتكة البراض١

إن العصا قرعت لذي الحلم:

عمرو بن مالك بن ضبيعة٢:

قيل: إن أول من قرعت له العصا عمرو بن مالك بن ضبيعة، أخو سعد بن مالك الكناني، وذلك أن سعدا أتى النعمان بن المنذر ومعه خيل له قادها وأخرى عراها, فقيل له: لم عريت هذه وقدت هذه؟ قال: لم أقد هذه لأمنعها، ولم أعر هذه لأهبها، ثم دخل على النعمان فسأله عن أرضه, فقال: أما مطرها فغزير وأما نبتها فكثير. فقال النعمان: إنك لقوال, وإن شئت أتيتك بما تعيا عن جوابه. قال: نعم. فأمر وصيفا له أن يلطمه، فلطمه لطمة. فقال: ما جواب هذه؟ قال: رب يؤدب عبده. قال: الطمه أخرى, فلطمه. قال: ما جواب هذه؟ قال: ملكت فأسجح، فأرسلها مثلا. قال النعمان: أصبت فامكث عندي, وأعجبه ما رأى منه فمكث عنده ما مكث. ثم إنه بدا للنعمان أن يبعث رائدا فبعث عمرا أخا سعد, فأبطأ عليه فأغضبه ذلك, فأقسم: لئن جاء ذاما للكلأ أو حامدا له ليقتلنه, فقدم عمرو وكان سعد عند الملك, فقال سعد: أتأذن أن أكلمه؟ قال: إذن يقطع لسانك. قال: فأشير إليه؟ قال: إذن تقطع يدك، قال: فأقرع له العصا؟ قال: فأقرعها، فتناول سعد عصا جليسه وقرع بعصاه قرعة واحدة فعرف


١ مجمع الأمثال للميداني ٢/ ٣٤.
٢ الميداني ١/ ٣٩-٤٢، وجمهرة الأمثال للعسكري ٢/ ١٢٨.

<<  <   >  >>