للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونلاحظ على الخطب الحجازية الجاهلية ضعف الربط وعدم التماسك بين الجمل، وعدم وحدة الموضوع في بعض الأحيان كما كان أيضا في الوصايا؛ ولعل ذلك راجع إلى الارتجال الذي تقسم به حياتهم، وإلى كثرة الحكم والأمثال التي تشيع في خطبهم، والتي لا يمكن الربط بينها، فإننا لو قدمنا بعضها وأخرنا البعض لم يختل المعنى ولا نظام الخطبة.

وأخيرا, تتسم الخطب الحجازية الجاهلية بقوة التأثير وحرارة العاطفة, وبالإشراق والبيان والعذوبة والبلاغة والحكمة، وبالحض على الخير, وعلى عمل المعروف.

أشهر الخطباء الحجازيين في العصر الجاهلي:

١- كعب بن لؤي القرشي ١:

من أجداد رسول الله -صلوات الله عليه- وأحد خطباء العرب المشهورين، وكان أبوه لؤي كذلك من خطباء العرب٢، وكعب في الذروة من المجد والسيادة في قريش ومكة والحجاز، بل والعرب عامة، وكان على الحنيفية البيضاء دين إبراهيم وإسماعيل.

وكانت قريش تجتمع عليه كل جمعة، فيخطبهم خطبة، يأمرهم فيها بالإطاعة والفهم والتعلم والتفكر في خلق السموات والأرض، والاعتبار بأحداث التاريخ وعظاته، ويحضهم على صلة الرحم، وإفشاء السلام، وحفظ العهد، والتصدق على الفقراء والأيتام، ويذكرهم بالموت واليوم الموعود، ويبشرهم بمبعث رسول قد قرب زمانه، وأنه سيكون من ولده، ويحثهم على اتباعه إن أدركوه، وأنه يخرج من بيت الله الحرام، ويقول الجاحظ فيه: كان يخطب


١ راجع ٢٨١/ ٢ بلوغ الأرب، الروض الأنف، الطبري، الكامل لابن الأثير, ٢١١/ ١ صبح الأعشى، البيان والتبيين للجاحظ ٢٢٦/ ١.
٢ الروض الأنف, ٢٣/ ١ البيان والتبيين للجاحظ.

<<  <   >  >>