للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب عامة، ويحض كنانة خاصة على البر، فلما مات أكبروا وفاته، فلم تزل كنانة تؤرخ بموته إلى عام الفيل١.

٢- هاشم بن عبد مناف القرشي:

سيد قريش والحجاز والعرب عامة، ملك بعد أبيه الرفادة والسقاية وصارت له السيادة على مكة، وكان يحمل ابن السبيل، ويؤدي الحقوق، وضرب بسخائه المثل، وهو أول من سن الرحلتين لقريش: رحلة الشتاء ورحلة الصيف، وكان يصنع الطعام لحجاج بيت الله، ويسمى ذلك "الرفادة". ويروى أنه كان إذا أهلّ هلال ذي الحجة، قام في الصباح فأسند ظهره إلى الكعبة وخطب العرب وقريشا. ومن خطبه هذه الخطبة الشريفة:

يا معشر قريش:

إنكم سادة العرب، أحسنها وجوها، وأعظمها أحلاما، وأوسط العرب أنسابا، وأقرب العرب بالعرب أرحاما٢.

يا معشر قريش:

إنكم جيران بيت الله، أكرمكم الله بولايته، وخصكم بجواره دون بني إسماعيل، وإنه يأتيكم زوار الله يعظمون بيته، فهم أضيافه، وأحق من أكرم أضياف الله أنتم، فأكرموا ضيفه وزواره؛ فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد على ضوامر٣ كالقداح، فأكرموا ضيفه وزوار بيته، فورب هذه البنية٤ لو كان لي مال يحتمل ذلك لكفيتكموه، وأنا مخرج من طيب مالي وحلالي ما لم يقطع فيه رحم ولم يؤخذ بظلم، ولم يدخل فيه حرام، فمن شاء منكم أن يفعل مثل ذلك فعل، وأسألكم بحرمة هذا البيت ألا يخرج رجل منكم من ماله


١ ٢٦٦/ ١ البيان والتبيين.
٢ ٢٢١/ ١ بلوغ الأرب، الروض الأنف، الطبري، ابن الأثير، ٤٥٨/ ٢ ابن أبي الحديد، شفاء الغرام للفاسي.
٣ جمع ضامر: الجمل المهزول.
٤ الكعبة.

<<  <   >  >>