ونهى عن نكاح المحارم، وقطع يد السارق، ونهى عن قتل الموءودة، وحرم الخمر والزنا، ونهى أن يطوف إنسان بالبيت وهو عريان. ومن خطبه خطبته عند سيف بن ذي يزن؛ روي أنه لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة، وأجلاهم عن اليمن أتته وفود العرب للتهنئة، وكان فيهم وفد من قريش، وسيدهم هو عبد المطلب بن هاشم, فلما مثلوا بين يديه قال عبد المطلب:
إن الله تعالى -أيها الملك- أحلَّك محلا رفيعا، صعبا منيعا، باذخا شامخا، وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعزت جرثومته، ونبل أصله، وبسق فرعه، في أكرم معدن، وأطيب موطن، فأنت -أبيت اللعن- رأس العرب، وربيعها الذي به تخصب، وملكها الذي به تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد، ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد، سلفك خير سلف، وأنت لنا بعدهم خير خلف، ولن يهلك من أنت خلفه، ولن يخمل من أنت سلفه، نحن -أيها الملك- أهل حرم الله وذمته وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذي أبهجنا بكشف الكرب الذي فدحنا، فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة.
٤- أبو طالب بن هاشم بن عبد مناف ١:
عم الرسول وكافله بعد عبد المطلب، وراعيه وحاميه، ولد قبل مولد الرسول بخمس وثلاثين سنة، وتوفي في النصف من شوال في السنة العاشرة من البعثة, عن أكثر من خمس وثمانين سنة.
وكان من حكام قريش، ونصر رسول الله وآزره حين قام بالدعوة، وهو الذي مزَّق صحيفة قريش التي علقوها على الكعبة بمقاطعة بني هاشم، فزادهم ذلك بغيا وعدوانا، فقال أبو طالب: يا معشر قريش, علام نحصر ونحبس، وقد بان الأمر، وتبين أنكم أهل الظلم والقطيعة؟! ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة وهو يقول: اللهم انصرنا على من ظلمنا، وقطع أرحامنا، واستحل ما يحرم عليه منا.
١ ٣٢٤/ ١ بلوغ الأرب -الطبري- ابن الأثير، ابن أبي الحديد, الجزء الثالث ٢١٢ صبح الأعشى.