للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طرقت به دوني، وعيني تهمل١

تخاف الردى نفسي عليك، وإنها ... لتعلم أن الموت حتم مؤجل٢

فلما بلغت السن والغاية التي ... إليها مدى ما كنت فيك أؤمل

جعلت جزائي منك جبها وغلظة ... كأنك أنت المنعم المتفضل٣

فليتك إذ لم ترع حق أبوتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعل٤

وسميتني باسم المفند رأيه ... وفي رأيك التفنيد لو كنت تعقل٥

تراه معدا للخلاف كأنه ... برد على أهل الصواب موكل٦

٧- ومن مدائح النابغة الذبياني في عمرو بن الحارث الغساني، هذه المدحة الرائعة التي استهلها بوصف ليله النابغي المضروب به المثل، والتي يصف فيها الجيش بملازمة النصر له، حتى إن الطير عرفت ذلك، فهي تتبعه في كل غزاة؛ ثقة منها بأنه سيشبعها من جثث قتلاه:

كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب٧


١ تهمل أي: يسيل منها الدمع.
٢ الردى: الهلاك. حتم أي: لا مفرّ منه. مؤجل أي: له وقت.
٣ الجبه: مقابلة الإنسان بما يكره.
٤ أي: ليتك إذا أبيت أن تعاملني معاملة الأب, عاملتني كما يعامل الجار جاره.
٥ فنده: نسبة إلى سوء العقل، أي: وصمتني بسوء الرأي والغباوة، ولو عقلت لعلمت أن الفند حقيق بأن ينسب إليك لا إلي.
٦ معدا أي: محضرا ومهيئا، أي: إنه يهيئ الخلاف، ويقابل به كل شيء كأنه كلف أن يفند آراء أهل الصواب.
٧ كليني لهم: دعيني وهمي, من وكله للشيء أي: أسلمه له، وأميمة: اسم امرأة تصغير أم، وناصب صفة لهم أي: هم ذوو نصب أو ناصب صاحبه، وبطيء الكواكب أي: بطيء غروب كواكبه, توهَّم أن ليله بطيء الكواكب, وأنه طويل لكثرة ما يقاسيه فيه من الهموم.

<<  <   >  >>