للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يأيها الرجل المحول رحله ... ألا نزلت بآل عبد الدار

هبلتك أمك لو نزلت برحلهم ... منعوك من عدم ومن إقتار

فالتفت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر فقال: "أهكذا قال الشاعر؟ " قال: لا والذي بعثك بالحق، لكنه قال:

بأيها الرجل المحول رحله ... ألا نزلت بآل عبد مناف

هبلتك أمك لو نزلت برحلهم ... منعوك من عدم ومن إقراف

الخالطين فقيرهم بغنيهم ... حتى يعود فقيرهم كالكافي

ويكللون جفانهم بسيوفهم ... حتى تغيب الشمس في الرجاف١

فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم وقال: "هكذا سمعت الرواة ينشدونه".

وقد ذكرنا -فيما سبق- طرفا من نقد ابن سلام لابن إسحاق, والآن نسوق هذا النقد كاملا:

قال ابن سلام٢: وكان ممن أفسد الشعر وهجنه وحمل كل غثاء منه: محمد بن إسحاق بن يسار -مولى آل مخرمة بن عبد المطلب بن عبد مناف- وكان من علماء الناس بالسير ... فقبل عنه الناس الأشعار، وكان يعتذر منها ويقول: "لا علم لي بالشعر، أوتى به فأحمله". ولم يكن ذلك له عذرا. فكتب في السير أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرا قط، وأشعار النساء فضلا عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، فكتب لهم أشعارا كثيرة، وليس بشعر؛ إنما هو كلام مؤلف معقود بقوافٍ، أفلا يرجع إلى نفسه فيقول: من حمل هذا الشعر؟ ومن أداه منذ آلاف السنين؟ والله تبارك وتعالى يقول: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} , أي: لا بقية لهم، وقال أيضا: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} ، وقال في عاد: {هَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} وقال: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} .


١ الأمالي للقالي ١/ ٢٤١، والرجاف: البحر.
٢ طبقات فحول الشعراء ٨, ٩.

<<  <   >  >>