منقوض أيضا؛ فإن سلعا -كما ورد في القاموس مادة سلع، وفي معجم البلدان- اسم لعدة مواضع, ومنها كما نص الأقدمون أنفسهم جبل بهذيل, وقد وضح نقض هذا الخبر الذي يتهم خلفا بوضع هذه القصيدة ونحلها الشنفرى أو تأبط شرا أو ابن أخته، حيث قد رجح لدينا أن أكثر هذه القصيدة لا يمكن أن يكون موضوعا متكلفا منحولا.
ويجدر بنا -بعد هذا- أن نورد كيف التبس الأمر على القوم في هذه القصيدة؟ فقد أورد الخالديان اثني عشر بيتا من هذه القصيدة ونسباها الشنفرى، ثم قالا: وقد زعم قوم من العلماء أن الشعر الذي كتبنا للشنفرى هو لخلف الأحمر، وهذا غلط. ونحن نذكر الخبر في ذلك: أخبرنا الصولي، عن أبي العيناء، قال: حضرت مجلس العتبي، ورجل يقرأ عليه الشعر للشنفرى، حتى أتى على القصيدة التي أولها:
إن بالشعب الذي دون سلع ... لقتيلا دمه ما يطل
فقال بعض من كان في المجلس: هذه القصيدة لخلف الأحمر. فضحك العتبي من قوله, فسألناه عن سبب ضحكة؟ فقال: والله ما لآل أبي محرز خلف من هذه القصيدة بيت واحد، وما هي إلا للشنفرى، وكان لها خبر طريف لم يبق من يعرفه غيري. قلنا: وما خبرها؟ قال: جلسنا يوما بالمربد، ونحن جماعة من أهل الأدب، ومعنا خلف الأحمر نتذاكر أشعار العرب، وكان خلف الأحمر أروانا لها وأبصرنا بها، فتذاكرنا منها صدرا، ثم أفضينا إلى أشعارنا، فخضنا فيها ساعة، فبينا خلف ينشدنا قصيدة له في روي قصيدة الشنفرى هذه وقافيتها, يذكر فيها ولد أمير المؤمنين عليهم الرحمة، وما نالهم وجرى عليهم من الظلم، إذ هجم علينا الأصمعي، وكان منحرفا عن أهل البيت، وقد أنشد خلف بعض الشعر، فلما نظر الأصمعي قطع ما كان ينشده من شعره ودخل في غيره إلا أنه على الوزن والقافية، ولم يكن فينا أحد عرف هذا الشعر ولا رواه للشنفرى، فتحيرنا لذلك وظنناه شيئا عمله على البديهة. فلما انصرف الأصمعي قلنا له: قد عرفنا غرضك فيما فعلت, وأقبلنا نطريه