خافوه على سلطانهم السياسي والاقتصادي والديني ظاهروا عليه المشركين من قريش.
ليس إذًا شعر أمية بن أبي الصلت بدعا في شعر المتحنفين من العرب أو المتنصرين أو المتهودين منهم، وليس يمكن أن يكون المسلمون قد تعمدوا محوه إلا ما كان منه هجاء للنبي وأصحابه ونعيا على الإسلام، فقد سلك المسلمون فيه مسلكهم في غيره من الشعر الذي أهمل حتى ضاع.
ولكن في شعر أمية أخبارا وردت في القرآن: كأخبار ثمود، وصالح، والناقة، والصيحة. ويرى "هوار" أن ورود هذه الأخبار في شعر أمية مخالفة بعض المخالفة لما جاء في القرآن, دليل على صحة هذا الشعر من جهة، وعلى أن النبي -كما يزعم كذبا هوار- قد استقى منه أخباره من جهة أخرى.
ولكن من الذي زعم أن ما جاء في القرآن من الأخبار كان مجهولا من قبل؟ ومن الذي يستطيع أن ينكر أن كثيرا من القصص القرآني كان معروفا بعضه عند اليهود وبعضه عند النصارى وبعضه عند العرب أنفسهم؟ ولم يكن من العسير إذًا أن يعرفه المتصلون بأهل الكتاب.
ثم كان النبي وأمية متعاصرين، فلم يكون النبي هو الذي أخذ عن أمية ولا يكون أمية هو الذي أخذ عن النبي؟ ثم من الذي يستطيع أن يقول: إن من يتحمل الشعر ليحاكي القرآن ملزم أن يلائم بين شعره وبين نصوص القرآن؟ أليس من المعقول أن يخالف بينهما ما استطاع؛ ليخفي الانتحال ويوهم أن شعره صحيح لا تكلف فيه, ولا تعمل؟ بلى.
ثم يلخص طه رأيه في شعر أمية وغيره من المتحنفين، فيقول١:
"ونحن نعتقد أن هذا الشعر الذي يضاف إلى أمية بن أبي الصلت, وإلى غيره من المتحنفين الذين عاصروا النبي أو جاءوا قبله، انتحل انتحالا، انتحله المسلمون ليثبتوا إن للإسلام قدما وسابقة في البلاد العربية. ومن هنا لا نستطيع أن نقبل ما يضاف إلى هؤلاء الشعراء والمتحنفين إلا مع شيء من الاحتياط والشك غير قليل".