للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن مع الدكتور طه حسين في دفاعه القوي البليغ عن القرآن في هذا الموضع من كتابه، ضد بعض المستشرقين الذين اصطنعوا هذا الأسلوب المشين للتشكيك في القرآن، واتخذوا من البحث في شعر أمية بن أبي الصلت تكأة للنيل من الإسلام, ولكننا لسنا معه في الشك في شعر أمية بن أبي الصلت جملة وتفصيلا، وإن كنا نعتقد أن كثيرا من شعر أمية قد ضاع، فقد وقف الحجاج بن يوسف الثقفي -يوما- على المنبر، فقال: "ذهب قوم يعرفون شعر أمية، وكذلك اندراس الكلام!! "، وبين الحجاج وأمية نحو من ثمانين سنة. كما أن طائفة منه قد تعرضت للنحل والوضع, وقد نص النقاد على بعض مواضع الانتحال؛ فالأصمعي ينفي عنه القصيدة المنسوبة إليه التي منها:

من لم يمت غبطة يمت هرما ... الموت كأس فالمرء ذائقها

وينسبها لرجل من الخوارج، ونقد قوله: "الموت كأس".

أما من نسب هذه القصيدة لأمية فهو الزبير بن بكار عن شيوخه, وعن الحسن البصري أيضا.

وقد سبق أن ذكرنا حديث النابغة الجعدي مع الحسن بن علي، حين أنشده قصيدته:

الحمد لله لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما

فقال له الحسن: با أبا ليلى، ما كنا نروي هذه الأبيات إلا لأمية بن أبي الصلت. قال: يابن رسول الله، والله إني لأول الناس قالها.

كما نلاحظ أن بعض شعر أمية مشكوك في نسبته إليه، وقد نص بعض المؤرخين على شعر له يروى لشعراء آخرين، كما فعل ابن هشام في تعقيباته على ابن إسحاق١.

والقصيدة التي منها:

من سبأ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما


١ راجع السيرة ١/ ٦٠, ٦١, ٦٧، ٢٤٢، ٢٤٧.

<<  <   >  >>