للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسبها يونس للنابغة الجعدي، ونسبها أبو عبيدة لأمية، ثم سئل خلف الأحمر عنها فقال: للنابغة، وقد يقال: لأمية.

واختلاف الرواة في نسبة الشعر الجاهلي لا يعني أن هذا الشعر منحول؛ لأن هذا الخلاف لا يخرجه عن نطاق الشعر الجاهلي. ومعنى هذا أن جاهلية هذا الشعر لا شك فيها عند الرواة، وإنما الخلاف في قائليها. ومن الممكن ترجيح نسبة القصيدة لشاعر بعينه, إذا كانت مشاكلة لشعره، وتبدو فيها شخصيته.

وكان الجاحظ يقول إذا ما شك في نسبة الشعر: "وقال أمية, إن كان قالها".

وما ذكره الدكتور طه من أن النبي -صلى الله عليه وسم- نهى عن رواية شعر أمية، وأن هذا وحده كافٍ لأن يضيع هذا الشعر، يرده ما جاء في الحديث الصحيح، من أن النبي استشهد رجلا شعر أمية، فظل ينشده حتى أنشد مائة بيت. ولو صح أن النبي نهى عن شعره لكان هذا النهي مقصورا على قصيدة أمية التي رثى بها قتلى قريش في وقعة بدر ... على أنا نجد هذه القصيدة التي يقولون: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن روايتها, واردة في بعض كتب السير والمغازي, وقد رواها ابن هشام في نحو ثلاثين بيتا.

وينكر الدكتور طه حسين كل ما يروى من الشعر والأخبار الممهدة للبعثة النبوية, مع أن انتظار بعض علماء العرب وكهانهم وأحبار اليهود ورهبان النصارى لبعثة نبي عربي من المسائل التي ذكرها القرآن. ثم ما الذي يمنع أن يسبق نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- شعر أو خبر يتصل بها؟ ليس هناك ما يمنع من ذلك!! وإنما شأن هذه الأشعار والأخبار الممهدة لرسالة النبي الكريم شأن الأشعار الجاهلية كلها، أن توضع على محكّ النقد الصحيح، ويفحص ما يرد في هذا الصدد فحصا دقيقا حتى يتميز صحيحه من فاسده، ويتخذ مكانه من الوضع أو الضعف أو الصحة. وكذلك فعل العلماء الثقات؛ فحكموا على جانب من ذلك بالوضع والنحل، كالأخبار والأشعار المعزوَّة إلى قس بن ساعدة.

<<  <   >  >>