مآثر الجاهلية، ومكارم الأخلاق السنية، قيل لبعض أصحاب رسول الله: ما كنتم تتحدثون به إذا خلوتم في مجالسكم؟ قال: كنا نتناشد الشعر، ونتحدث بأخبار جاهليتنا".
وقد سميت هذه الوقائع بأيام العرب، وهي ينبوع ثجاج من ينابيع الأدب، وميدان فسيح من ميادين البيان، بما اشتملت عليه من روائع القصص، وبدائع القول، ومأثور الحكم، وبليغ الخطب والشعر، كما أنها صورة صحيحة للعرب وعاداتهم وتقاليدهم، وتصوير صادق لأسلوب حياتهم وشأنهم في الحرب والسلم والنجعة والاستقرار.
٢- ولهذه الأيام أثر واضح في الأدب، بما تهيج من عاطفة، وتبعث من شعور، وتثير من شاعرية ... كان الشعراء والخطباء من وراء الفوارس يذكون حميتهم، ويلهبون شجاعتهم، ويصفون خيلهم وسلاحهم، ويشيدون ببطولتهم ومواقفهم، ويندبون بقوافيهم الباكية صرعى الأيام، ويحرضون على الثأر والانتقام، وقد ينفرون من الحرب وويلاتها، ويحملون لقبائلهم غصن الزيتون!!
ومن أجل آثار هذه الأيام ما يلي:
١- أن الشعر الجاهلي عامة، والفخر والحماسة والرثاء والهجاء منه خاصة، ترتبط بهذه الأيام ارتباطا وثيقا، فأكثر القصائد وهذه الفنون الأدبية في الشعر الجاهلي قيلت في هذه الأيام وكانت صدى لها، ونظمها أصحابها فخرا بمآثر القبيلة، ودفاعا عن أحسابها، أو هجاء لخصومها وثلبا لأعدائها، أو تحميسا لأبناء القبيلة ليهبوا للدفاع عن كيانها وحفظ شرفها، أو رثاء للقتلى من أبنائها في حومة القتال وميادين النضال.
٢- وفي الشعر الجاهلي قصائد كثيرة قيلت في وصف المعارك، وفي الدعوة إلى السلام وتصوير فظائع الحرب، أو الدعوة إلى الانتقام وطلب الأخذ بالثأر.