للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحن بنو دهمان ذي التغطرف ... بحر لبحر زاخر لم ينزف

نبني على الأحياء بالمعروف

فتحير الحيان عند ذلك، وثارا حتى كادت تكون فتنة ودماء, ثم تراجعوا ورأوا أن الخطب يسير. وذكروا رواية أخرى في الفجار الأول، وهي ما سنذكره في الفجار الثالث، وهذا الذي هاج أول أيام الفجار بين كنانة وهوازن.

الفجار الثاني: أما الفجار الثاني، فقد كان بين قريش وهوازن. وكان الذي هاجه، أن فتية من قريش جلسوا في سوق عكاظ إلى امرأة وضيئة من بني عامر بن صعصعة -وقيل: بل أطاف بها شباب من بني كنانة لا من قريش- وعليها برقع وهي في درع فضل، فأعجبهم ما رأوا من هيئتها، فسألوها أن تسفر عن وجهها، فأبت عليهم، فأتى أحدهم من خلفها فشد ذيلها بشوكة إلى ظهرها وهي لا تدري. فلما قامت تقلص الدرع من خلفها فضحكوا، وقالوا: منعتنا النظر إلى وجهها فقد رأينا خلفها. فنادت المرأة: "يا آل عامر! " فتحاور الناس، وكان بينهم قتال ودماء يسيرة، فحملها حرب بن أمية وأصلح بينهم.

الفجار الثالث: وهو بين كنانة وهوازن -وكنانة هم حلفاء قريش- وكان الذي هاجه أن رجلا من بني كنانة عليه دين لرجل من بني نصر بن معاوية, وكان الكناني فقيرا، فرآه دائنه النصري بسوق عكاظ، ومع النصري قرد وأنحى به السوق. فوقف في السوق ونادى: "من يبيعني مثل هذا القرد بما لي على فلان الكناني؟ " وجعل يعيد النداء حتى أكثر؛ تعييرا للكناني ولقومه. فمر به رجل من بني كنانة فسمعه وضرب القرد بسيفه فقتله. فهتف النصري: يا آل هوازن؟ وهتف الكناني: يا آل كنانة! فتهايج الناس حتى كاد يكون بينهم قتال. ثم رأوا أن الخطب أيسر مما تكلفوا له فتراجعوا, ولم يتفاقم الشر بينهم.

<<  <   >  >>