فأنظرني حتى أنظر أثم هو أم لا؟ "، فوقف له الرجل ودخل البراض ثم خرج إليه، وقال: "هو نائم في البيت الأقصى خلف هذا الجدار عن يمينك إذا دخلت, فهل عندك سيف فيه صرامة؟ "، قال: "نعم", قال: "أرني سيفك أنظر إليه أصارم هو؟ "، فأعطاه إياه، فهزه البراض ثم ضربه به فقتله، ووضع السيف خلف الباب.
وأقبل على الغنوي فقال: "ما وراءك؟ "، قال البراض: "لم أر أجبن من صاحبك، تركته قائما في الباب الذي فيه الرجل -والرجل نائم- لا يتقدم إليه ولا يتأخر عنه". قال الغنوي: "يا لهفاه! لو كان أحد ينظر راحلتينا". قال البراض: "هما عليَّ إن ذهبتا"، فانطلق الغنوي والبراض خلفه، حتى إذا جاوز الغنوي باب الخربة أخذ البراض السيف من خلف الباب ثم ضربه به حتى قتله، وأخذ سلاحيهما وراحلتيهما ثم انطلق.
٥- وفيما يلي تفصيل أيام الفجار الرابع:
يوم نخلة:
بلغ قريشا خبر البراض وقتله عروة، وفزعوا أن تعلم بذلك هوازن فتدهمهم وكانوا في عكاظ في الشهر الحرام فخلصوا نجيا "واتفق رأيهم أن يخاطبوا عامر بن مالك سيد قيس بذلك، فأتوه وأخبروه، فأجاز مالك بين الناس وأعلم قومه ما قيل له, وأوشكوا أن يصطلحوا" لكن فريقا منهم خافوا أن يكون قومهم بمكة في ضيق، فانسلوا من عكاظ وهوازن لا تشعر بهم, وتوجهوا نحو مكة رجاء أن ينصروا.
وكان من عادة العرب إذا وفدت على عكاظ أن تدفع أسلحتها إلى عبد الله بن جدعان -وكان هذا سيدا حكيما مثريا من المال- فتبقى عنده أسلحة الناس حتى يفرغوا من أسواقهم وحجهم, فيردها عليهم إذا ظعنوا. فلما كان من أمر البراض ما كان, قال حرب بن أمية لابن جدعان: "احتبس قبلك سلاح هوازن".