شاعر خاص, وإن كان روحه مشعرا بفضل قومه على من سواهم؛ هو شعر قبلي يصور العشيرة كما هي أو كما يتصورها شاعرها الممتاز ... ومن أمثلة ذلك في شعر الحجازيين قول حسان بن ثابت من قصيدة في مدح عمرو بن الحارث الغساني:
ولقد تقلدنا العشيرة أمرها ... ونسود يوم النائبات ونعتلي
ويسود سيدنا جحاجح سادة ... ويصيب قائلنا سواء المفصل
وتحاول الأمر المهم خطابة ... فيهم ونفصل كل أمر معضل
وتزور أبواب الملوك ركابنا ... ومتى نحكم في البرية نعدل
فقومه زعماء مقدمون في الشدائد, سديدو الرأي, أمجاد عدول, تحترمهم الملوك, وحسان هنا يصور مجد عشيرته الخزرج اليمنيين الذين يتصلون بالغساسنة ملوك الشام, وهو شعر في سبيل قومه، ومن ذلك قوله من قصيدة:
لنا حاضر فعم وباد كأنه ... شماريخ رضوى عزة وتكرما
متى ما تزنا من معد بعصبة ... وغسان نمنع حوضنا أن يهدما
بكل فتى عاري الأشاجع لاحه ... قراع الكماة يرشح المسك والدما
ولدنا بني العنقاء وابني محرق ... فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما
نسود ذا المال القليل إذا بدت ... مروءته فينا وإن كان مقدما ... إلخ
وكلها صور تقوم على الفضائل الجاهلية المتصلة بالسيادة والمجد وشرف النسب وسعة السلطان، وقد بقيت نزعة السيادة هذه في شعر حسان سمة لقومه حتى بعد إسلامه، ولعلها كانت صدى لهذه المنافسة بين المهاجرين والأنصار، وقد دل على ذلك بقوله:
وكنا ملوك الناس قبل محمد ... فلما أتى الإسلام كان لنا الفضل
أولئك قومي خير قوم بأسرهم ... فما عد من خير قومي له أهل
ومن أمثلة هذا النوع من الشعر القبلي, هذه القصيدة المنسوبة للسموءل بن عادياء اليهودي:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل