وفي يوم "الربيع" من أيام الأوس والخزرج, قال حسان بن ثابت قصيدته الرائعة التي مطلعها:
لقد هاج نفسك أشجانها ... وعاودها اليوم أديانها
وفيها يقول:
ويثرب تعلم أنا بها ... إذا التبس الأمر ميزانها
ويثرب تعلم أنا بها ... إذا قحط القطر نوآنها
ويثرب تعلم أنا بها ... إذا خافت الأوس جيرانها
ويثرب تعلم أن النبيت ... عند الهزاهز ذلانها
متى ترنا الأوس في بيضنا ... نهز القنا تخب نيرانها
وتعط القياد على رغمها ... وينزل من الهام عصيانها١
ويمكننا أن نعتبر قصيدة حسان لخفتها وعذوبة بحرها وروحها الحماسية الدافقة "نشيد الخزرج" الوطني، كما تعتبر قصيدة قيس بن الخطيم التي يرد بها على حسان للأسباب ذاتها "نشيد الأوس" القومي، ونحن لا نستبعد أن شبان الأوس كانوا ينشدونها جماعات في نواديهم وسوامرهم كما ينشد الشبان وطلاب المدارس اليوم الأناشيد الحماسية. وكذلك كان يهزج شبان الخزرج بنشيد حسان ومطلع قصيدة قيس:
أجد بعمرة غنيانها ... فتهجر أم شأننا شأنها
وفيها يقول:
ونحن الفوارس يوم الربيع ... قد علموا كيف فرسانها
رددنا الكتيبة مغلولة ... بها أفنها وبها ذانها
وقد علموا أن متى ننبعث ... على مثلها تذك نيرانها
١ ديوان حسان ص٤١٦. ميزانها: قوامها. نوآنها جمع: نوء أي: كنا مطرها. النبيت: هو عمرو بن مالك بن الأوس. الهزاهز: الحروب والشدائد. ذلانها أي: أذلاؤها. البيض: السلاح. تخب: تسكن. يقول: متى رأتنا الأوس محفزين, استخذت وزال الجموح من رءوسها.