وقد أسلفنا الحديث فيما سبق عن حلف الفضول١، ذلك الحلف الذي عقدته قريش بدار ابن جدعان على ألا يظلم بمكة قريب ولا غريب، وأن يكونوا على المظلوم حتى ينتصفوا ولو من أنفسهم ... وفي هذا الحلف العظيم الذي يعتبر قوة لها خطرها في سبيل الأمن الداخلي، يقول الزبير بن عبد المطلب الذي يقال: إنه أول من دعا إليه:
حلفت لنعقدن حلفا عليهم ... وإن كنا جميعا أهل دار
نسميه الفضول إذا عقدنا ... يعز به الغريب لدى الجوار
ويعلم من حوالي البيت أنا ... أباة الضيم نهجر كل عار
وقد ذكرنا فيما سبق بعض الأشعار التي قيلت في أيام قريش كيوم شرب أو يوم عكاظ وهو لكنانة وقريش على هوازن وحلفائها ... ومن طريف ما حدث في هذا اليوم أن مسعودا الثقفي ضرب على امرأته سبيعة بنت عبد شمس أم بنيه خباء، ثم رآها تبكي حين تدانى الناس. فقال لها: ما يبكيك؟ فقالت: لما يصاب غدا من قومي، فقال لها: من دخل خباءك فهو آمن. فجعلت توصل فيه القطعة بعد القطعة، والخرقة والشيء ليتسع فخرج وهب بن متعب حتى وقف عليها, وقال لها: لا يبقى طنب من أطناب هذا البيت إلا ربطت به رجلا من بني كنانة، فنادت بأعلى صوتها: إن وهبا يأتلي ويحلف ألا يبقى طنب من أطناب هذا البيت إلا ربط به رجلا من كنانة, فالجد الجد. فلما هزمت