للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- الأم:

أما الأم فهي ينبوع الحنان الذي لا ينضب, وهي المصدر الذي يغذي الكون بالأفراد, فتتكون الأسر وتنشأ المجتمعات. وقد أغرم الحجازيون بأن يباهوا بنسبهم ويفخروا بآبائهم وأمهاتهم, ولا سيما إذا كانت الأم حرة, فحينئذ يستكمل الحجازي الشرف من جهتيه. قال الشنفرى:

أنا ابن خيار الحجر بيتا ومنصبا ... وأمي ابنة الأحرار لو تعرفينها١

والحرة هي وحدها التي يدفع لها المهر بالزواج, ومن هنا جاء الفخر بالمهيرات أي: ذوات المهر. فهذه الخنساء ترثي صخرا أخاها, فتذكر إلى شرف أبيه وأجداده أن أمه وجداته مهائر ذوات شيم ماجدة:

يابن القروم ذوي الحجا ... وابن الخضارمة المرافد

وابن المهائر للمهائر ... زانها الشيم المواجد٢

وذو الإصبع العدواني يفتخر, ويعير ابن عمه بأن أمه أمة ترعى الإبل:

عني إليك فما أمي براعية ... ترعى المخاض ولا رأيي بمغبون

ولما كانت الكثرة عند الحجازيين هي التي ترجح الكفة عند النزال، فمن الطبيعي أن يفتخروا بالأمهات المنجبات, ونعرف من الحجازيات المنجبات عاتكة بنت هلال بن مرة, وقد ولدت هاشما وعبد شمس والمطلب أبناء عبد مناف, وفيها يضرب المثل فيقال: أنجب من عاتكة٣. ولا ينسى الحجازي الفخر بأمه حتى في المعركة، فهذا سلمة بن دريد بن الصمة يفخر بأمه سمادير حين قتل أبا عامر الأشعري:

إن تسألوا عني فإني سلمه ... ابن سمادير لمن توسمه

أضرب بالسيف رءوس المسلمه


١ الأغاني ٢١/ ٨٨.
٢ ديوان الخنساء ٦٢.
٣ مجمع الأمثال ٢/ ٢٧٦.

<<  <   >  >>