للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- الحب والزواج:

ولقد احتلت الزوجة الحجازية من قلب خطيبها أو زوجها مكانا ممتازا؛ فقد يسبق الزواج بالحب وقد يأتي الحب بعد الزواج ويكون حارا فعالا, كما نرى عند زهير:

أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ... بحومانة الدراج فالمتثلم١

والزوجة تجد من زوجها صدرا رحيما؛ يحسن عشرتها ويكلف بها ولا يقحمها في مشكلاته العويصة لئلا يفجعها, كما قال ذو الإصبع العدواني:

ثم سلا جلدتي وكنتها ... هل كنت فمن أراب أو فزعا

أو دعتاني فلم أجب ولقد ... تأمن مني خليلتي الفجعا٢

ولكن الزوجة قد تقحم نفسها في تلك المشكلات؛ فهذه زوجة حماس بن قيس يوم فتح مكة تسأله: لماذا يسن حربته, ولما أخبرها بأنه يعدها لجيش محمد قالت: إنه لا شيء يصد محمدا وجيشه، وفعلا حدث ذلك بعد قليل إذ رجع إليها وقال: "أغلقي علي الباب". ولما أنّبته على فراره اعتذر بفرار السادة من قريش, وصور لنا فزعهم من سيوف المسلمين:

إنك لو شهدت الخيل يوم الخندمة ... إذ فر صفوان وفر عكرمة

وأبو يزيد قائم كالمؤمنة ... ولحقتنا بالسيوف المسلمة

يفلقن كل ساعد وجمجمة ... ضربا فلا تسمع إلا غمغمة

لهم نهيت خلفنا وغمغمة ... لم تنطقي باللوم أدنى كلمة٣

ومع هذا, فالرجل يعلم في سريرته أنه هو السيد المطاع من زوجته ويريد من زوجته أن تنفذ رغباته, فالشنفرى يقول: إن زوجته إذا خالفته تكون هي البعل, إن لم ينكر عليها عملها:

إذا ما جئت ما أنهاك عنه ... ولم أنكر عليك فطلقيني

فأنت البعل يومئذ فقومي ... بسوطك لا أبالي فاضربيني٤


١ شرح القصائد العشر ص١٠٣.
٢ الأغاني ٣/ ٩٣.
٣ السيرة ٤/ ٢٦.
٤ محاضرات الأدباء ٣/ ١٢٧.

<<  <   >  >>