للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودريد بن الصمة ينكر على زوجته أن تشتم أخاه, ويرى في هذا تطاولا لا يسوغ منها:

أعبد الله لو شتمتك عرسي ... تساقط لحم بعضي فوق بعضي

معاذ الله أن يشتمن عرضي ... وأن يملكن إمراري ونقضي

إذا عرس الفتى شتمت أخاه ... فليس بحامض الرئتين محضي

ومن صور الحب المتبادل بين الزوجين حرص الزوجة على حياة زوجها, وتخوفها عليه ونصحها له بأن يرتاد طرق السلامة لئلا يقتل. ولكنه غالبا ما يعصيها ويرجع سالما, فيذكرها نصيحتها ويطلب منها أن تكف عن مثل ذلك:

قال عمرو بن براقة الهمداني:

تقول سليمى: لا تعرض لتلفة ... وليلك عن ليل الصعاليك نائم

وفي هذا المجتمع المضطرب يقتل الزوج وتحل النكبة بزوجته أو حبيبته, والمرأة الحجازية تعبر عن جزعها لموت زوجها بخمش وجهها وجذ شعرها, وقد يصفقن وجوههن وشعورهن بالنعال كما فعلن ذلك على قتلى بدر؛ إذ كانت المصيبة كبيرة. يقول عبد مناف بن ربع الهذلي:

يريع قلب ابنتي ربع عويلهما ... لا ترقدان ولا بؤسى لمن رقدا

إلى آخر الأبيات السالفة، ولكن الخنساء تتصبّر ولا تحلق رأسها فضلا عن ضربه بالنعال رغم حزنها الشديد:

ولكني رأيت الصبر خيرا ... من النعلين والرأس الحليق١

وترثي الزوجة زوجها كما نرى عند فاطمة بنت الأحجم الخزاعية؛ فهي تبكي وتستبكي لأن زوجها كان يحميها فذهب، وكان جناحا يظلها فانكسر، وأصبحت بعده خاضعة حسيرة الطرف, لا تجسر على دفع ظلامها:

يا عين بكي عند كل صباح ... جودي بأربعة على الجراح

قد كنت لي جبلا ألوذ بظله ... فتركتني أضحى بأجرد ضاح

قد كنت ذات حمية ما عشت لي ... أمشي البراز وكنت أنت جناحي


١ لسان العرب ١١/ ٣٤٥.

<<  <   >  >>