١- الأصنام والشعر:
كان الحجازيون -كالعرب عامة- يقسمون بأصنامهم, وقد جرى ذلك على ألسنة شعرائهم؛ فأقسم عبد العزى بن وديعة المزني بمناة:
إني حلفت يمين صدق برة ... بمناة عند محل آل الخزرج
وكانت قريش قد حمت لها شعبا من وادي حراض يقال له: سقام, يضاهون به حرم الكعبة، فذاك قول أبي جندب الهذلي في امرأة كان يهواها:
لقد حلفت جهدا يمينا غليظة ... بفرع التي أحمت فروع سقام
لئن أنت لم ترسل ثيابي فانطلق ... أباديك أخرى عيشنا بكلام
يعز عليه صرم أم حويرث ... فأمسى يروم الأمر كل مرام
وحلف الشنفرى الأزدي بأثواب الأقيصر وهو صنم كان يعبد في الجاهلية:
وإن امرأ أجار عمرا ورهطه ... علي -وأثواب الأقيصر- يعنف١
كما كان الحجازيون يطوفون بالأنصاب، ويسمون الذبائح لها عثائر والمذبح الذي تذبح فيه العتر. قال زهير بن أبي سلمى:
فزل عنها وأوفى رأس مرقبة ... كمنصب العتر دمّى رأسه النسك
ونافح بعض الحجازيين عن أصنامهم؛ حماية لها من التدمير, وكافحوا دونها حتى قتلوا، كما حدث لما فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة وأسلمت العرب, وكان في القادمين جرير بن عبد الله الذي جاء مسلما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جرير, ألا تكفيني ذا الخلصة؟ " فقال: بلى فوجهه إليه، فخرج حتى أتى بني أحمس من بجيلة، فسار بهم إليه فقاتلت خثعم وباهلة دونه، فقتل من سدنته من باهلة
١ كان الأقيصر صنم قضاعة ولخم وجذام وغطفان, وكانوا يحجون إليه ويحلقون رءوسهم عنده, ويلقون مع الشعر قرة من دقيق. وقد ذكر اسمه في شعر لزهير بن أبي سلمى ولربيع بن ضبع الفزاري وللشنفرى كما رأيت.