للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يومئذ مائة رجل، وأكثر القتل في خثعم، وقتل مائتين من بني قحافة بن عامر بن خثعم، فظفر بهم وهزمهم، وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار فاحترق، فقالت امرأة من خثعم:

وبنو أمامة بالولية صرعوا ... ثملا يعالج كلهم أنبوبا

جاءوا لبيضتهم فلاقوا دونها ... أسدا تقب لدى السيوف قبوبا

قسم المذلة بين نسوة خثعم ... فتيان أحمس قسمة تشعيبا١

وربما طلبوا إلى الأصنام أن تدرأ عن نفسها الشر والضر في شك مرير, كما حدث حينما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد بعد فتح مكة إلى العزى لهدمها، فلما سمع صاحبها السلمي بمسيرة خالد إليها علق عليها سيفه وهرب في الجبل الذي هي فيه، وهو يقول:

أيا عز شدي شدة لا شوى لها ... على خالد، ألقي القناع وشمري

أيا عز إن لم تقتلي المرء خالدا ... فبوئي بإثم عاجل أو تنصري

وقد ذكرنا فيما سبق أن قريشا كانت تتعبد لصنم اسمه ود، ونزيد هنا أن اسم "ود" ورد في النصوص المعينية، وفي النصوص الثمودية. وفي أحد هذه النصوص الثمودية كتابة معناها: "أموت على دين ود" وفي هذا دليل على مدى انتشار عبادته في جزيرة العرب٢ ... ووردت كلمة "ود" تحية في الكتابات الثمودية في الغالب، والتحية صلة بفكرة ود إلها ولا شك. وقد وردت اسما للإله في النصوص اللحيانية, وبمعنى التحية وردت كلمة "ود" في هذا البيت, الذي ينسب لنابغة بني ذبيان:

حياك ود فإنا لا يحل لنا ... لهو النساء وإن الدين قد عزما

وكان الحجازيون -كالعرب- يستقسمون عند الأصنام بالأزلام، وهي القداح يستشيرونها للسفر أو الغزو أو التجارة أو أي أمر يهمهم, وهي ثلاث


١ الولية: اسم موضع. ثملا: جمع ثملة وهي الحب والسويق. الأنبوب: الرمح. تقب: تصخب وتقعقع أنيابها.
٢ تاريخ العرب قبل الإسلام ج٥ ص١٢٦.

<<  <   >  >>