للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قطع مكتوب على أحدها: نهاني ربي، وعلى الثاني: أمرني ربي، وأما الثالث فغفل، فإن خرج الآمر مضى لطيته، وإن خرج الناهي أمسك، وإن خرج الثالث أجالها.

وكان لهبل فيما يرى المؤرخون سبعة قداح يضرب بها على الميت والعذرة والنكاح, وكان قربانه مائة بعير، وكان له حاجب. وكانوا إذا جاءوا هبل بالقربان ضربوا بالقداح, وقالوا:

إنا اختلفنا فهب السراحا ... ثلاثة يا هبل فصاحا

الميت والعذرة والنكاحا ... والمبرئ المريض والصحاحا

إن لم تقله فمر القداحا

أما الثورة على الأصنام والأوثان فنجدها لدى الحنفاء, الذين وصلوا بعد طول التأمل والتدبر إلى اعتبارها أوهاما باطلة، وخزعبلات فاسدة لا تليق بالعقل الحصيف. وقد أسلفنا الحديث عن بعض هؤلاء الحنفاء، وسنورد أطرافا من الأشعار التي تكشف عن عقيدتهم, وسماتها حين نتحدث عن شعر "التوحيد" في الجاهلية.

ونكتفي هنا بتسجيل بعض الأخبار التي تدل على الانفعال العنيف، والغضب الشديد، والتحرر الثائر، مما اتسمت به ثورة بعض الحجازيين ضد تلك الآلهة الفارغة والأباطيل الشاخصة.

فقد كان لمالك وملكان ابني كنانة بساحل جدة صنم يقال له "سعد"، وكان صخرة طويلة؛ فأقبل رجل من بني ملكان بإبل مؤبلة، ليقفها عليه ابتغاء بركته فيما يزعم، فلما أدناها منه ورأته وكان يراق عليه الدماء نفرت منه، فذهب في كل وجه فغضب ربها, فتناول حجرا فرماه به، وقال: "لا بارك الله فيك إلها, أنفرت علي إبلي" ثم خرج في طلبها حتى جمعها, ثم انصرف وهو يقول:

<<  <   >  >>