للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتينا إلى "سعد" ليجمع شملنا ... فشتتنا سعد فلا نحن من سعد

وهل سعد إلا صخرة بتنوفة ... من الأرض لا يدعو لغي ولا رشد١

ومما يدل على عدم اكتراثهم بعقيدتهم الوثنية، ذلك التناقض الذي يشعرون به حين يعبدون الأصنام التي يلتمسون بعبادتها أن تقربهم زلفى إلى الله, في الوقت الذي يرون فيه تلك الأصنام لا تدفع عن نفسها الضر والأذى, فقد كان عادي بن عبد العزى سادنا لصنم لبني سليم, فبينا هو عنده إذ أقبل ثعلبان يشتدان فبالا على الصنم، فقال:

أرب يبول الثعلبان برأسه؟ ... قد ذل من بالت عليه الثعالب٢

بل, لقد روي أن عمرو بن حبيب من محارب بن فهر قد أكل إله بكر، وذلك أن "بكرا" كان لهم سقب يعبد، يعبدونه من دون الله تعالى، فأغار عليهم عمرو فأخذه وأكله، وسمي لذلك آكل السقب٣.

٢- التوحيد والشعر:

الله:

ورد لفظ الجلالة في الأشعار المنسوبة إلى الجاهليين، وهو اسم الإله في الإسلام, فهل عرف الجاهليون هذا الاسم ونطقوا به حقا؟ أم هو لم يكن معروفا لديهم، وإنما شاع وعرف لنزول الوحي به؟

لقد ذهب "نولدكه" إلى أن رواة الشعر وحملته في الإسلام هم الذين أدخلوا اسم الجلالة في هذا الشعر، وذلك بأن حذفوا منه أسماء الأصنام وأحلوا محلها اسم الله؛ فما جاء فيه اسم "اللات" حل محله اسم "الله". ولكن ليس في أيدينا دليل محسوس ينص


١ بلوغ الأرب للألوسي ٢/ ٢٠٨.
٢ يراد بالرب هنا الصنم, وهو مثل يضرب للشيء يستذل.
٣ جمهرة الأنساب ١٦٩، وابن سعد ٥/ ٢٣٦، السقب: ولد الناقة.

<<  <   >  >>