رءوس الأشهاد, وينتهزها فرصة في الكيد لمحمد والطعن عليه, ولكن الواقع أن سورة الفيل قد نزلت فتلقاها العرب بالقبول؛ لأنها تقرر حقيقة معروفة عندهم لا شك فيها, ولا يجرؤ أحد على إنكارها.
وقد هز ذلك الخطر الداهم الذي كان موشكا أن يجتاح مكة وأحلها نفوس الشعراء والزعماء، وعلى رأس هؤلاء عبد المطلب بن هاشم الذي توجه إلى الله مع نفر من قريش, وراح يهتف بهذا الشعر وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:
لاهم إن المرء يمنـ ... ـع رحله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم ... ومحالهم أبدا محالك
إن كنت تاركهم وكعـ ... ـبتنا فأمر ما بدا لك
فلئن فعلت فإنه ... أمر يتم به فعالك
اسمع بأرجس ما أرا ... دوا العدو وانتهكوا حلالك
جروا جميع بلادهم ... والفيل كي يسبوا عيالك
عمدوا حماك بكيدهم ... جهلا وما رقبوا جلالك
وممن هزتهم حادثة الفيل ففتقت قرائحهم بالشعر، عبد الله بن الزبعرى الذي يقول:
تنكلوا عن بطن مكة إنها ... كانت قديما لا يرام حريمها
لا تخلق الشعر ليالي حرمت ... إذ لا عزيز من الأنام يرومها
سائل أمير الجيش عنها ما رأى ... ولسوف ينبي الجاهلين عليمها
ستون ألفا لم يئوبوا أرضهم ... بل لم يعش بين الإياب سقيمها
كانت بها عاد وجرهم قبلهم ... والله من فوق العباد يقيمها
١ من وحي البلد الأمين ص١٤, ١٥.