٤- مكانة الحرم والشعائر الدينية:
كان للحرم مكانة قدسية لدى العرب منذ عهد بعيد؛ فكانوا لا ينفرون صيد الحرم ولا يؤذونه, وينسبون لعمرو بن مضاض الجرهمي أنه قال:
فسحت دموع العين تبكي لبلدة ... بها حرم أمن وفيها المشاعر
وتبكي لبيت ليس يؤذى حمامه ... تظل به أمنا وفيه العصافر
وفيه وحوش لا تزال أبية ... إذا خرجت منه فليست تغادر
وقال النابغة الذبياني:
والمؤمن العائذات الطير تمسحها ... ركبان مكة بين الغيل والسند
وكانوا يحرمون غزو الحرم والقتال فيه؛ وشاهد ذلك قول حرب بن أمية لأبي مطر الحضرمي, يدعوه إلى حلفه ونزول مكة:
أبا مطر هلم إلى صلاح ... فتكنف كالندامى من قريش
وتأمن وسطهم وتعيش فيهم ... أبا مطر هديت لخير عيش
وتسكن بلدة عزت قديما ... وتأمن أن يزورك رب جيش
وكانوا يكرهون الظلم في الحرم, ونسبوا لرجل من جرهم أنه قال لعمرو بن لحي لما ظلم بمكة:
يا عمرو لا تظلم بمكة إنها بلد حرام
ونسبوا لسبيعة بنت الأجب بن زبينة، وهي تنهى ابنها خالد بن عبد مناف عن الظلم في الحرم، وتعظم حرمة مكة, قولها:
أبني لا تظلم بمكة ... لا الكبير ولا الصغير
واحفظ محارمها ولا ... يغررك بالله الغرور
أبني من يظلم بمكة ... يلق أطراف الشرور
أبني يضرب وجهه ... ويلح بخديه السعير
أبني قد جربتها ... فوجدت ظالمها يبور