للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا وصفوا الشعر فتنوا بسواده وغزارته، والنابغة يشبهه فوق ذلك بعناقيد العنب الثقيلة:

وبفاحم رجل أثيث نبته ... كالكرم مال مع الدعام المسند١

وإذا وصفوا الساق شبهوه في التفافه واندماجه بالبردي، وقد وصفه بذلك شاعران واتفقا في التعبير. قال قيس بن الخطيم:

تخطو على ديتين غذاهما ... غدق بساحة حائر يعبوب٢

وقال المزرد بن ضرار:

وتخطو على ديتين غذاهما ... نمير المياه والعيون الغلاغل٣

ولصوت الحبيبة على الشاعر الحجازي تأثير كبير؛ ولهذا فإن قيس بن الخطيم لا يمل حديثها ويفزع إذا سكنت؛ لأن حديثها عذب شهي لا ينبغي أن ينقطع:

ولا يغث الحديث ما نطقت ... وهو بفيها ذو لذة طرف

تخزنه وهو مشتهى حسن ... وهو إذا ما تكلمت أنف٤

ومما يفتن الشاعر الحجازي ويخلب لبه ابتسامة الحبيبة, فالنابغة يرى في ضحكتها قوة فعالة ستنزل العصم من الجبال والغيث من المزن:

وإن ضحكت للعصم ظلت دوانيا ... إليها وإن تبتسم إلى المزن يبرق٥

والشاعر الحجازي تعجبه المرأة العفيفة التي تضنّ بوصلها, وتحافظ على شرف أسرتها وسمعة أقاربها، فقيس بن الحدادية يشهد الله أن نعمى حبيبته ضلت بوصله, على أنهما تجاورا شهورا عديدة:

أجدك أن نعم نأت أنت جازع ... قد اقتربت لو أن ذلك نافع

قد اقتربت لو أن في قرب دارها ... نوالا ولكن كل من ضن مانع

وقد جاورتنا في شهور كثيرة ... فما نولت والله راءٍ وسامع٦

والمرأة العفيفة حيية, وهذا الحياء يعجب الشاعر الحجازي، فهو يريد المرأة


١ ديوان النابغة ٣١.
٢ ديوانه.
٣ المفضليات ١/ ٩٢.
٤ ديوانه ١٧.
٥ ديوان النابغة ٢٩.
٦ الأغاني ١٣/ ٦.

<<  <   >  >>