للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي تحافظ على قناعها, ولا تتلفت ولا ترفع بصرها كما يقول الشنفرى:

لقد أعجبتني لا سقوطا قناعها ... إذا ما مشت ولا بذات تلفت

كأن لها في الأرض نسيا تقصه ... على أمها وإن تكلمك تبلت١

وقيس بن الأسلت يشيد بالمرأة التي تستحوذ على تقدير جاراتها, فيمنعها حياؤها من زيارتهن ويجئن لزيارتها:

وتكرما جاراتها فيزرنها ... وتعتلّ عن إتيانهن فتعذر

وليس بها أن تستهين بجارة ... ولكنها منهن تحيا وتخفر٢

ويشيد النابغة بأنها لا تذيع أسرارها الداخلية بين صديقاتها, فهي لا تنشر أخبار غضبها إن غضبت, ولا أسباب سرورها إن رضيت:

إذا غضبت لم يشعر الحي أنها ... أرببت وإن نالت رضا لم تدهدق٢

والشاعر يعذر المرأة إذا انصرفت عنه لكبر سنه، بل ويعتب على نفسه أن يستميل النساء بعدما شاخ، فالنابغة يستنكر على نفسه الحب بعد شيب قذاله ومفرقه:

علقت بذكر المالكية بعدما ... علاك مشيب في قذال ومفرق٤

وفي موضع آخر يكرر هذا العتاب:

على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت ألما أصح والشيب وازع٥

وحسان بن ثابت يعجب من تطلعه إلى التصابي بعد التجربة, وبعد الشيب الذي كسا مفرقه:

وكيف لا ينسى التصابي بعدما ... تجاوز رأس الأربعين وجربا

وقد بان ما يأتي من الأمر واكتست ... مفارقه لونا من الشيب مغربا٦


١ الأغاني ٢١/ ٩١.
٢ الأغاني ١٥/ ١٩٥.
٣ ديوان النابغة ٣٩. الدهدقة: الضحك الشديد.
٤ ديوانه ٣٩.
٥ ديوان النابغة ٤٩.
٦ ديوان حسان ١٢.

<<  <   >  >>