للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في رجل من بني عبد الله بن غطفان خدع غلاما من قومه, فاشترى إبله بغنم ... وهو هنا يندد بخدعة الرجل، طالبا إليه أن يرد الإبل، وقد صورها مصابة بالجرب وبمختلف الأدواء، وكأنه يريد أن يشأمها وينزل بها اللعنة والبوار:

فيا آل ثوب إنما ذود خالد ... كنار اللظى لا خير في ذود خالد١

بهن دروء من نحاز وغدة ... لها ذربات كالثدي النواهد٢

جربن فما يهنأن إلا بغلقة ... عطين وأبوال النساء القواعد٣

فلم أر رزءا مثله إذ أتاكم ... ولا مثل ما يهدي هدية شاكد٤

ويؤيد ذلك ما روى صاحب السيرة, من أن أبا سفيان بن حرب ألقى ابنه معاوية أرضا؛ فرقا من دعوة خبيب حين قال وقد أخذوه ليصلبوه: "اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا". وقد كانت العرب تزعم أن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع لجنبه, زالت عنه٥.

وكان الشاعر ربما عجز عن دفع مظلمة، أو رد حق غصب منه، فلا يستعين على ذلك إلا بلسانه؛ فيهاب الناس هجاءه أكثر مما يخافون سيف الفاتك الجبار.


١ الذود: الجماعة القليلة من الإبل.
٢ الدروء: جمع درء بفتح فسكون وهو التنوء. النحاز: داء يأخذ الدواب والإبل في رئاتها فتسعل سعالا شديدا. الغدة: طاعون الإبل. الذربات: جمع ذربة بفتح فكسر وهو رأس الخراج.
٣ جربن: أصابهن الجرب. يهنأن: يطلين. الغلقة: شجر يدبغ به. عطين: معطون؛ لأنها لا يدبغ بها إلا بعد عطنها.
٤ الشاكد: المهدي, والشكد: الإهداء.
٥ السيرة ٣/ ١٨٢.

<<  <   >  >>