للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- أقسام الهجاء:

ينقسم الهجاء إلى ثلاثة أقسام: هجاء شخصي, وهجاء أخلاقي, وهجاء سياسي.

فالهجاء الشخصي يعتمد على مهاجمة الأفراد, وهو أقدم أنواع الشعر الهجائي, وهو في معظم الأحيان متأثر بالأهواء الشخصية، بعيد عن العدل والإنصاف؛ لأنه لا يرتقي إلى عناصر الحياة العامة إلا في القليل من نواحيه، فهو أقرب للسباب، وأدنى إلى أن يتورط في الفحش. ومثل هذا الشعر قد يعجب المعاصرين ويسترعي انتباههم، فيرددونه شامتين أو ساخطين، ولكن يفقد جزءا كبيرا من قيمته بتداول العصور، فلا يتحمس له الناس ولا يجدون فيه المتعة إلا بمقدار ما يشتمل عليه من نادرة طريفة، أو سخرية مسلية, أو نكتة مضحكة.

أما الهجاء الأخلاقي، فموضوعه الجرائم الأخلاقية أو الدينية والمفاسد الاجتماعية، والعادات القبيحة والعيوب الإنسانية على وجه العموم. وقد يعم بالهجاء جنسا من الأجناس لا يعين منه أفرادا؛ كالذي نجده في شعر المعري من السخط على المرأة أو رجال الدين. ومن أمثلته في الأدب الحجازي وصف العقوق لأمية بن أبي الصلت.

والنوع الثالث من الهجاء هو الهجاء السياسي. وهو يتميز عن سالفيه بأن صاحبه يرى مثله الأعلى في حزب من الأحزاب أو طائفة من الطوائف أو مذهب من المذاهب، فهو يهاجم كل ما يتعارض مع هذا المثل من نقائص ومعايب تتمثل في أنصار حزب, وهو يزعم في كل هذا -صادقا أو متصنعا- أنه يهاجم في سبيل الفضيلة والحق.

ونستطيع أن نلحق بهذا القسم الهجاء الديني والهجاء القبلي. أما الهجاء الديني فنجد له أمثلة فيما كان بين شعراء المسلمين وشعراء قريش أول ظهور الإسلام. وأما الهجاء القبلي فيصور الشعر السياسي في طوره البدائي عند العرب؛ فقد كان العربي يحمل لقبيلته من القداسة والإجلال مثل ما يحمل المواطن لوطنه

<<  <   >  >>