لا بأس بالقوم من طول ومن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير
ذروا التخاجؤ وامشوا مشية سجحا ... إن الرجال ذوو عصب وتذكير
كأنكم خشب جوف أسافله ... مثقب فيه أرواح الأعاصير
ألا طعان ألا فرسان عادية ... إلا تجشؤكم حول التنانير١
٧- الهجاء السياسي:
وأما الهجاء السياسي في الحجاز فألوان شتى, منها:
أ- هجاء الفرد قبيلته.
ب- هجاء الفرد قبيلة أخرى, يصور فيه مثالبها وما بينها وبين قبيلته من منازعات ومنافسات.
جـ- هجاء يتجه إلى الملوك الطغاة الذين يذلون القبائل, ويفرضون عليها الإتاوات الفادحة.
د- هجاء يصور الملاحاة التي كانت بين الإسلام وبين أعدائه.
وقد تحدثنا عن الألوان الثلاثة الأولى في "الشعر السياسي", كما أسلفنا طائفة من الشعر الذي قيل في نقد الملوك الطغاة وتهديدهم، وذكرنا نبأ الحارث بن ظالم المري الذي فتك بخالد بن جعفر وقتل ابنا للنعمان كان في حجر أخته سلمى بنت ظالم, وأوردنا قصيدته التي مطلعها:
قفا فاسمعا أخبركما إذ سألتما ... محارب مولاه وثكلان نادم
ونزيد هنا أن سنان بن أبي حارثة المري -وهو يومئذ رأس غطفان- قال للنعمان بعد هذه الحادثة: "أبيت اللعن, والله ما ذمة الحارث لنا بذمة ولا جاره لنا
١ الجوف: جمع أجوف. الجمخور: الواسع الجوف, والمراد الضعفاء المستريحون. التخاجؤ: التباطؤ في المشي. العصب: شدة الخلق. المشية السجح: السهلة. التجشؤ: تنفس المعدة عند الامتلاء. التنانير: جمع تنور وهو ما يخبز فيه. ديوان حسان ص٢١٣ و"الهجاء والهجاءون ص٢٢٢".