للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بجار، ولو أمنته ما أمناه". فقال الحارث يندد بالنعمان وسنان ويتوعدهما ويسخر منهما:

ألا أبلغ النعمان عني رسالة ... فكيف بخطاب الخطوب الأعاظم

وأنت طويل البغي أبلج معور ... فزوع إذا ما خيف إحدى العظائم

فما غرة والمرء يدرك وتره ... بأروع ماض الهم من آل ظالم

أخي ثقة ماضي الجنان مشيع ... كميش التوالي عند صدق العزائم

فأقسم لولا من تعرض دونه ... لعولي بهندي الحديدة صارم

فأقتل أقواما لئاما أذلة ... يعضون من غيظ أصول الأباهم

تمنى سنان ضلة أن يخفيني ... ويأمن، ما هذا بفعل المسالم

تمنيت جهدا أن تضيع ظلامتي ... كذبت ورب الراقصات الرواسم

يمين امرئ لم يرضع اللؤم ثديه ... ولم تتكنفه عروق الألائم

أما اللون الرابع الذي يصور الصراع بين الشرك والإسلام، فيمكن أن نسميه "الهجاء الديني".

٨- الهجاء الديني:

وقد أدرك النبي -صلوات الله عليه- قيمة الحرب الكلامية وأثرها الفعال في تعزيز الحرب الفكرية والمعارك الحربية بينه وبين قريش الوثنية، فانتدب حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة؛ للذود عن الإسلام ومنافحة المشركين، وكان حسان وكعب يعارضانهم بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر، ويعيرانهم بالمثالب. وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر، ويعلم أنه ليس فيهم شر من الكفر. فكانوا في ذلك الزمان أشد شيء عليهم قول حسان وكعب، فلما أسلموا وفقهوا الإسلام، كان أشد القول عليهم قول ابن رواحة١.


١ الأغاني ١٥/ ٢٨.

<<  <   >  >>