للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومزرد نفسه هو الذي قدم لنا صورة دقيقة بارعة لقوسه، منذ أن كانت فرع ضالة مخبوءة في مكان بعيد تصونها الفروع والأشجار الملتفة حتى وصل إليها القواس بعد أن نحى من طريقه كل رطب ويابس وأنفل تحت الشجر حتى نالها فاقتطفها ... إلى أن هيأها للرمي بعد عامين يلتمس فيهما اعوجاجها، فإذا هي صفراء يغلي ثمنها المشتري الحاذق، وإذا ما حرك الرامي وترها كان لها عويل ثكلى حزينة، ثم يصف حرصه عليها إذا سقط الندى حيث يلفها بالحبير وهو الجديد المحبر، لا بالمعاوز وهي الثياب الخلقة:

تخيرها القواس من فرع ضالة ... لها شذب من دونها وحزائز

فأمسكها عامين يطلب درأها ... وينظر منها ما الذي هو غامز

أقام الثقاف والطريدة متنها ... كما أفرجت ضغن الشموس المهامز

إذا أنبض الرامون فيها ترنمت ... ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز

كأن عليها زعفرانا تميره ... خوازن عطار يمان كوانز

إذا سقط الأنداء صينت وأشعرت ... حبيرا ولم تدرج عليها المعاوز١

ويصف الشنفرى قوسه بأنها ملساء صلبة ذات صوت كأنها تهتف، وقد زانتها الرصائع، وإذا ما انطلق عنها السهم سُمِع لها حنين وإعوال كأنها امرأة منكوبة اصطلحت عليها الأرزاء:

هتوف من الملس المتون يزينها ... رصائع قد نيطت إليها ومحمل

إذا زل عنها السهم حنت كأنها ... مرزأة عجلى ترن وتعول٢


١ لها شذب وحزائز: أي دون الوصول إليها عيدان مشذبة، وجزائز أو حزائز: فروع أو أصول مقطوعة. الدرء: الاعوجاج. الغامز: الشق في القوس. الثقاف: خشبة تقوم بها الرماح. الطريدة: القصبة يعرف بها اعتدالها. تميره: تحركه. الحبير: المحبر المنقوش.
٢ المتون: الصلبة. الرصائع: ما يرصع به من جوهر أو غيره. المحمل: علاقة السيف. عجلى: مسرعة.

<<  <   >  >>