وقد أجرى السلطان الغوري لجدة عينا من وادي قوس شمالي الرغامة ووصل ماء هذه العين إلى جدة في أيام ثم انقطعت، وأعيد تعميرها على يد تجار جدة بزعامة التاجر المعروف الشيخ فرج يسر حوالي عام ١٢٧٠هـ, وظلت جارية حتى انقطعت وغاض معينها ما بين عام ١٣١٠ و١٣٢٠هـ. ومن عيون جدة عين الوزيرية، وهي مسحوبة من وادي غليل المعروف، ولكنها لم تصل إلى البلد إلا في عهد الوالي عثمان باشا نوري, فظلت جارية إلى عام ١٣١٤هـ ثم ضعفت وقل ماؤها.
ولقد تكررت فيها الإصلاحات، وتوالى عليها التعمير، في عهد الحكومات السابقة، وفي هذا العهد أيضا لا زالت ضعيفة لنضوب ينابيعها.
ولقد لجأت الحكومة العثمانية حينما رأت قلة الماء في جدة، إلى استيراد آلة لتقطير المياه من البحر "كنداسة" فوصلت إليها في عام ١٣٢٥هـ. ولقد كانت هذه الكنداسة المورد الوحيد تقريبا لسقيا أهل جدة أيام حصار الجيوش السعودية لجدة سنة ١٣٤٣-١٣٤٤هـ, إذ إن الآبار التي حول جدة لم يكن يجرؤ على الذهاب إليها أحد للحصار المضروب على البلدة، فكانت الحاجة إليها شديدة جدا. وقد استوردت الحكومة الحالية آلتين كبيرتين لاستخلاص المياه العذبة في عام ١٣٣٦, وقد كانت سقيا البلدة في الأعوام الأخيرة من هاتين الآلتين ومن ماء الوزيرية الذي كان يكثر أحيانا ويقل أحيانا حتى خربت إحدى الآلتين.
وفي أوائل عام ١٣٦٥هـ حينما رأى أهل جدة ما حَلّ بمدينتهم من الظمأ، فكروا في استجلاب المياه من إحدى العيون إلى جدة على نفقتهم الخاصة، وأقاموا لذلك حفلا عظيما سارع الناس إلى الاكتتاب فيه. وقد بلغ المبلغ الذي جمع ما يزيد عن نصف مليون من الريالات.
ثم إن جلالة الملك عبد العزيز أمر بجلب الماء إلى جدة مهما كلف من مال في أقصر زمن, فأعيد للناس ما دفعوه من تبرعات.
وجرت المفاوضة مع أصحاب العيون في وادي فاطمة, واشتريت منهم وجبات في ثمانٍ من العيون، هي: الخيف, الروضة, البرقة, أبو عروة, الحسنية, الجموم, أبو شعيب, الهنية.