للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه المواقف أدلة عملية على المشروعية، بجانب الأدلة القولية فإلى بيانها وسيقاها:

١: في القرآن الكريم:

بين الله سبحانه في الآيات [٣٦ - ٣٩] من سورة النحل وظائف الرسل في دعوتهم، فيقول تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} إلى قوله سبحانه: {(٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ}، ... فبيان الخلاف بإظهار الحق من الباطل مقصد عظيم من مقاصد بعثة الرسل، لتزول عن الأمة غشاوة الخلاف الطائش، والاختلاف الجائر.

ولهذا نجد مجموعة وافرة من الآيات في الجدل والمحاجة، وإقامة الحجة والبرهان، لإقامة الدين وظهوره وحراسته. قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥]، وقال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١١١)} [البقرة: ١١١].

قال أبو إسحاق الجويني -رحمه الله تعالى- بعد سياق بعض النصوص، ومنها هاتان الآيتان: " وهذه الألفاظ عموم في التوحيد والشريعة، وهي أيضاً سيرة الرسل -عليهم السلام- مع أممهم، وسيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم وسيرة علماء الصحابة -رضي الله عنهم- بعده، ومن بعدهم من التابعين وأتباعهم، إلى يومنا هذا، وعليه عادة العقلاء في أديانهم، ومعاملاتهم ومعاشراتهم" (١).

٢: في السنة النبوية:

في نصوصها: قولاً، وفعلاً، وتقريراً، في عامة أبواب التوحيد، والشريعة، ترى وقائع كثيرة، يرد بها النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس حقاً: وكان في فاتحتها ذاك الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين: " اعدل"، فقال له صلى الله عليه وسلم راداً عليه مخالفته المنكرة: " فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر" (٢).

وتعتبر هذه أول شبهة وقعت في الملة الإسلامية.


(١) الكافية في الجدل، لإمام الحرمين الجويني: ٢٣.
(٢) صحيح البخاري: كتاب فرض الخمس باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس، رقم (٣١٥٠).

<<  <   >  >>