قال رحمه الله:[والعنعنة تدخل على الأسانيد] ، أي: أن الإسناد قد لا يصرح فيه المحدث بسماعه من شيخه، وقد لا يعزو عليه إلا بعن وأن، كأن يقول: حدثنا فلان عن فلان عن فلان، ويأتي بالعنعنة، أو أن يقول الشيخ مباشرة: عن فلان، أو يقول: أحدثكم عن فلان، ومثل ذلك: أن فلاناً قال كذا، فهذه إذا كان الشيخ فيها غير معروف بالتدليس حملت على السماع، وإن كان معروفاً بالتدليس لم تحمل على السماع، إلا إذا كان ذلك في الصحيحين، فإن صاحبيهما انتقيا حديثهما وانتخباه، فما كان فيهما من معنعن المدلسين فقد علما انتفاء علة التدليس عنه؛ لاحتياطهما واطلاعهما الواسع في هذا الباب، فهما أميرا المؤمنين في الحديث، ولذلك فما رواه مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر بالعنعنة كله محمول على السماع، ومثل ذلك ما كان في صحيح البخاري من عنعنة قتادة عن أنس أو من عنعنة أبي إسحاق السبيعي، فكله محمول على السماع، وإن كان هؤلاء قد عرفوا بالتدليس إلا أن أئمة الحديث ينتخبون من حديثهم ما ثبت سماعهم فيه.