قال:[وأبواب أصول الفقه] أي: الأبواب التي اشتهر تقسيم الأصول إليها في زمان المؤلف، وليس معنى ذلك: انحصار هذا العلم في هذه الأبواب التي ذكرها، بل قد اعتاد المتأخرون من الأصوليين تقسيمه على اعتبار الأدلة الإجمالية، فيعقدون الباب الأول للكتاب، والباب الثاني للسنة، والباب الثالث للإجماع، والباب الرابع للقياس، والباب الخامس للاستدلال بالأدلة الأخرى المختلف فيها، والباب السادس لتعارض الأدلة وطرق الجمع بينهما والترجيح، والباب السابع للاجتهاد.
فهذا الذي جرى عليه المتأخرون، وهو أضبط وأكمل، أما التبويب الذي ذكره المصنف في قوله:[وأبواب أصول الفقه أقسام الكلام، والأمر والنهي، والعام والخاص، والمجمل والمبين، والظاهر والمؤول، والأفعال، والناسخ والمنسوخ، والإجماع، والأخبار، والقياس، والحظر، والإباحة، وترتيب الأدلة، وصفة المفتي والمستفتي، وأحكام المجتهدين] .
فهذا التقسيم غير حاصل، وترتيبه أيضاً غير مبني على درجات القوة، وأقسام الكلام هو أول باب عقده من هذه الأبواب، ثم أتبعه بأنواع الأبواب الأخرى، بالكلام فيها على وجه الاختصار والتعريف، فلا نحتاج الآن إلى تعريف هذه الأمور؛ لأن كل واحد منها عقد له باب مستقل، وسنعرفه فيه، وإنما قصدنا وضع خطة كتابه، ليتبين ما سيتكلم عليه في هذا الكتاب، وهذا الذي يسميه المعرفون بالعلوم بالمسائل؛ فيجعلون لكل علم مقدمات وهي معرفة موضوعه، وقد سبق أن موضوع أصول الفقه: الأحكام الشرعية وأدلتها.
وواضعه: وهو أول من وضع مصطلحاته، وليس لهذا العلم واضع محدد، لكن أول من ألف فيه كتاباً مستقلاً الشافعي.
و (حده) : أي: تعريفه، وقد سبق تعريف أصول الفقه، و (مستمده) أي: ما أخذ منه، وهو النصوص الشرعية، وكلام العرب، ومصطلحات المتكلمين وعلم الكلام أيضاً.