الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، ثم أما بعد: فقد قال المصنف [باب العام] عقد هذا الباب للعام، وهو في اللغة: وصف عمّ الشيء يعم فهو عام إذا شمل، والعام الشامل.
واصطلاحاً: لفظ يتناول الصالح له، من غير حصر دفعة.
(لفظ) ؛ لأن العموم من عوارض الألفاظ، أي: أنه يوصف به الألفاظ لا المعاني ولا الأجسام -هذا اصطلاحاً- وإن كان في الأصل يرد في المعاني وفي الأجسام.
(يتناول الصالح له) ، أي: ما يدخل تحته، أي: كل معانيه.
(من غير حصر) ، أي: كل ما يصدق به، من غير حصر في عدد محدد.
(دفعة) ، أي: في نفس الوقت يتناولهم جميعاً لا على سبيل البدلية، كالرجال: فهذا لفظ يتناول كل ذكر من بني آدم، فتناولهم دفعة واحدة، من غير حصر لهم بعدد محدد، وذلك بخلاف المطلق فإنه يتناول الصالح له من غير حصر على سبيل البدلية كرجل، فهو وإن كان يصدق على كل ذكر آدمي، إلا أنه لا يتناولهم جميعاً في وقت واحد، ودفعة واحدة، بل يتناولهم على سبيل البدلية، كل واحد منهم وحده، وذلك هو المطلق.
قال المصنف:[وأما العام فهو ما عمّ شيئين فصاعداً] أي: هو في اللغة: ما عم شيئين، أي: شمل شيئين فصاعداً، سواءً كان في الحسيات كعموم الظرف لمظروفه، وكعموم المطر للأرض، أو في المعنويات أو في الألفاظ، فكل هذا يسمى عموماً في اللغة.
قوله:[من قولك: عممت زيداً وعمراً بالعطاء] أو بالإحسان، فهذا من المعنويات.
[وعممت جميع الناس بالعطاء] ، فهذا من المعنويات أيضاً.