قال:[ونسخ الحكم وبقاء الرسم] أي: يجوز أيضاً أن ينسخ الحكم ويبقى اللفظ متلواً فيما يتلى من القرآن، كقول الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}[البقرة:٢٤٠] ، فهذه الآية بقي لفظها ونسخ حكمها، بالآية التي قبلها في رسم المصحف، وهي متأخرة عنها في النزول، وهي {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة:٢٣٤] ، وكذلك قول الله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة:١٨٠] ، فقد نسخ هذا الحكم، وبقي اللفظ مما يتلى، ومثل ذلك: قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}[الأنفال:٦٥] ، فقد نسخت هذه الآية بالآية التي بعدها وهي قول الله تعالى:{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ}[الأنفال:٦٥-٦٦] ، فهذه الآية ناسخة لسابقتها، وقد أثبتت سابقتها في الرسم، وبقيت مما يتعبد بتلاوته، لكن لا يعمل بحكمها، فالحكم قد نسخ.