وقال:[وَلاَ يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ عَلَى الصَّحِيحِ] إذا حصل الإجماع، فإن الشافعية لا يرون اشتراط انقراض العصر، وقد ذكرنا أن الراجح شرط انقراضه؛ لأن أهل العصر حجة على من بعدهم، ولأن علياً رضي الله عنه رجع عن بعض أقواله التي وافق فيها الصحابة في أيام عمر، كرجوعه عن فتواه ببيع أمهات الأولاد، فقد كان وافق عمر والصحابة على حرمة بيع أمهات الأولاد، ثم بعد ذلك في خلافته رجع عن ذلك القول، فقيل له: ألم تكن تقول بما تقول به الجماعة؟ فقال: كان ذلك أيام أمير المؤمنين عمر، ولم تسعني مخالفته، أما اليوم فأرى غير ذلك، فقال له عبيدة السلماني: رأيك في الجماعة أحب إلينا من رأيك في الفرقة، فضحك علي إقراراً لذلك، فلذلك الراجح اشتراط انقراض العصر.
قال المصنف:[فإن قلنا: انقراض العصر شرط، فيعتبر قول من ولد في حياتهم وتفقه وصار مِن أهلِ الاجتهاد] ، يعتبر خلاف التابعي الكبير في أيام الصحابة؛ لأنه ولد في أيامهم وتفقه وأصبح يفتي كـ: سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، فهؤلاء اختلافهم معتبر في أيام الصحابة، لأنهم وُلدوا في حياتهم، وتفقهوا فأصبحوا من مجتهدي ذلك العصر.
بخلاف من وُلد ولم يتفقه إلا بعد انقراض العصر، فليس له أن يخالف حينئذ؛ لأنه مسبوق بالإجماع.
أي: إذا قلنا باشتراط انقراض العصر فلأهل كل عصر أن يرجعوا عن ذلك الحكم بعد أن اتفقوا عليه، فلأفرادهم أن يرجعوا عنه إذا رأوا ما هو أقوى منه، والرجوع ليس عيباً، بل قد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه في القضاء إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه بالأمس، فراجعت فيه نفسك فهديت فيه إلى رشدك، أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم لا ينقضه شيء، وإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
ويقول أحد العلماء رحمه الله: ليس من أخطأ الصواب بمخط إن يأب لا ولا عليه ملامه إنما المخطئ المسي من إذا ما ظهر الحق لج يحمي كلامه حسنات الرجوع تذهب عنه سيئات الخطا وتنفي الملامه وهذه للعلامة الشيخ محنض بابه رحمه الله.