ثم قال:[والنسخ إلى بدل وإلى غير بدل] ، أي: يجوز النسخ إلى بدل، بأن تنزل آية أخرى بدل تلك، أو حكم آخر بدل الحكم الذي نسخ، ويجوز النسخ إلى غير بدل، أي: بالإحالة إلى ما كان من البراءة الأصلية، وهذا محل خلاف بين الأصوليين، فقد ذهب جمهورهم إلى أن النسخ لا يكون إلا إلى بدل؛ لأن الله تعالى يقول:{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة:١٠٦] ، فلا بد من البدل الذي هو خير أو مثل للمنسوخ، والآخرون يقولون: البراءة بدل وهو خير أو مثل؛ لأن الله كان تعبدنا بذلك الحكم ثم لما نسخه تعبدنا بالإباحة فيه، فكان ذلك إلى غير بدل، وحمل عليه نسخ الصدقة بين يدي نجوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: هي من النسخ إلى غير بدل، وقيل: بل ذكر البدل وهو: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة؛ لأنه قال:{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[المجادلة:١٣] فذلك من النسخ إلى بدل.