ثم قال:[والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم] ، أي: أن الإجماع يحصل بالقول والفعل، فإن فعلوا أمراً ولم ينكر أحد منهم على أحد وأظهروه واتفقوا عليه وتواطئوا عليه اعتبر ذلك إجماعاً، وليس هذا مثل الإجماع السكوتي؛ لأن الإجماع السكوتي لا يقتضي أن يكونوا فعلوه جميعاً، بل قد يكون فعله بعضهم أو قاله، وسكت الآخرون عنه.
قال:[وبقول البعض وفعل البعض] أي: إذا قال بعضهم بإباحة أمر وفعله الآخرون فذلك يعتبر إجماعاً؛ لأن الفاعلين له كأنما قالوه؛ لأنهم استباحوه بالفعل.
قال:[وانتشار ذلك وسكوت الباقين عنه] أي: إذا أفتى أحد المجتهدين في عصر في أمر جديد، واشتهرت فتواه، وسكت الآخرون ولم يخالفوه، فيعتبر ذلك إجماعاً، وهذا الذي يسمى بالإجماع السكوتي، وقد اختلف هل هو حجة أم لا؟ فقيل: هو حجة قطعية كالإجماع القولي.
وقيل: هو حجة غير قطعية.
وقيل: غير حجة أصلاً.
وقد كثر استدلال الحنابلة بالإجماع السكوتي، ومحله قبل تدوين المذاهب، أما بعد التدوين ففتوى مجتهد على وفق مذهبه لو سكت عنها الآخرون وهم يخالفونه في مذاهبهم، فليس ذلك إقراراً له على تلك الفتوى؛ لأنه علم من مذاهبهم مخالفتها.