أقول: وعبد الجبار السمسار لم يذكر الخطيب في ترجمته له جرحًا ولا تعديلًا، ولم يورد له إلا هذا الحديث الموضوع، وكذلك فعل الذهبي في «الميزان»، وابن حجر في «اللسان».
ووجه اعتراض الذهبي وابن حجر على إعلاله بابن لهيعة، أن ابن لهيعة مع ضعفه وتخليطه لا يحتمل أن يروي مثل هذا الخبر الركيك البيِّن الوضع، ويظهر من كلام ابن حجر أنه فهم أن الخطيب يتهم ابن لهيعة بالوضع.
إلا أن إعلال الخطيب به له وجه صحيح، وهو أن ابن لهيعة ليس بوضَّاع ولا كذَّاب، ولكن بعض الكذَّابين قد أدخله عليه، أو لقَّنه إياه، فظن أنه من حديثه فحدَّث به.
يدل على ذلك ما ذكره ابن حجر نفسُه في ترجمة ابن لهيعة من «تهذيب التهذيب» عن يحيى بن حسان أنه قال: «رأيتُ مع قوم جزءًا سمعوه من ابن لهيعة، فنظرتُ فإذا ليس هو من حديثه، فجئتُ إليه، فقال: ما أصنع يجيئوني بكتاب فيقولون: هذا من حديثك. فأُحدِّثهم».
ونقل عن ابن قتيبة أنه قال:«كان يُقرأ عليه ما ليس من حديثه».
وحكى عن أحمد بن صالح أنه قال:«كان ابن لهيعة من الثقات، إلا أنه إذا لُقِّن شيئًا حدَّث به».
وعن ابن خِراش قال:«كان يَكتب حديثه، فأُحرقت كتبه، فكان مَن جاء بشيء قرأه عليه، حتى لو وضع أحدٌ حديثًا وجاء به إليه قرأه عليه»(١).
وقال ابن حبان في ترجمة ابن لهيعة من «المجروحين»: «قد سبرتُ أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدِّمين والمتأخِّرين عنه، فرأيتُ التخليط في رواية